آيات من القرآن الكريم

إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ أي بالساعة التي تقرع الناس بأهوالها وهجومها عليهم.
قال الزمخشريّ: ووضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع في الحاقة، زيادة في وصف شدتها. ولمّا ذكرها وفخمها، أتبع ذكر ذلك ذكر من كذب بها، وما حل بهم بسبب التكذيب، تذكيرا لأهل مكة، وتخويفا لهم من عاقبة تكذيبهم.
فَأَمَّا ثَمُودُ وهم قوم صالح عليه السلام فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ أي بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة، أو بطغيانهم، و (الطاغية) مصدر كالعافية.
وَأَمَّا عادٌ وهم قوم هود عليه السلام فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ أي: شديدة العصوف والبرد عاتِيَةٍ أي: متجاوزة الحد المعروف في الهبوب والبرودة.
سَخَّرَها أي: سلطها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً أي متتابعات من (حسمت الدابة)، إذا تابعت بين كيّها. شبه تتابع الريح المستأصلة بتتابع الكيّ القاطع للداء. أو معناه: نحسات، حسمت كل خير واستأصلته، أو قاطعات، قطعت دابرهم. هذا على أن (حسوما) جمع حاسم، كشهود وقعود. فإن كان مصدرا فنصبه بمضمر. أي تحسم حسوما، أو بأنه مفعول له. أي سخرها عليهم للحسوم، أي الاستئصال. وقد قيل: إن تلك الأيام هي أيام العجز. والعامة تقول: (العجوز) وهي التي تكون في عجز الشتاء، أي آخره.
فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى أي هلكى، جمع صريع كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ أي ساقطة مجتثة من أصولها كآية: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [القمر: ٢٠]، فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ أي: بقاء. أو نفس باقية، أو بقية.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٩ الى ١٢]
وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢)
وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ أي: من الأمم المكذبة، كقوم نوح وعاد وثمود وَالْمُؤْتَفِكاتُ وهي قرى قوم لوط بِالْخاطِئَةِ أي: بالخطإ، أو الأفعال الخاطئة، على المجاز في النسبة. فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً أي: زائدة في الشدة. إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ أي: كثر وتجاوز حده المعروف، بسبب إصرار قوم نوح على الكفر والمعاصي، وتكذيبه، عليه السلام حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ أي السفينة التي تجري في الماء.

صفحة رقم 309
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية