آيات من القرآن الكريم

أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ
ﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨ ﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﰊﰋﰌﰍ ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ

أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ قرأ أبو جعفر وابن عامر ويعقوب آن بالمد واختاره أبو حاتم وقرأ حمزة وعاصم برواية أبي بكر أأن بهمزتين، وغيرهم بالجرّ.
فمن قرأ بالاستفهام فله وجهان: أحدهما: الآن كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، والآخر: الآن كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ تطيعه. ومن قرأ على الخبر فمعناه: فلا تطع لأيّ كان.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١٦ الى ٤١]
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)
فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥)
فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠)
قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠)
أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١)
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ قال ابن عباس: سنخطمه بالسيف فنجعل ذلك علامة باقية على أنفه قال: فقاتل يوم بدر: فخطم بالسيف بالقتال «١»، وقال قتادة: سنخلق به شيئا، يقول العرب للرجل يسبّ الرجل سبّة قبيحة باقية: قد وسمه ميسم سوء، يريدون الصق به عارا لا يفارقه، كما أنّ السمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها. قال جرير:

لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعلى البعيث «٢» جدعت أنف الأخطل «٣»
أراد به الهجاء.
وقال أبو العالية ومجاهد: سنسمه على أنفه ونسوّد وجهه فنجعل له علامة في الآخرة يعرف سواد وجهه، الضحاك والكسائي: يشكونه على وجهه. وقال حريز بن محمد بن جرير:
سنبين أمره بيانا واضحا حتى يعرفوه ما يخفى عليهم كما لا تخفى السمة على الخراطيم. قال الفرّاء: وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنّه في مذهب الوجه. لأنّ بعض الشيء يعبّر به عن كله، وقد مرّ هذا الباب.
(١) تفسير الطبري: ٢٩/ ٣٥.
(٢) البعيث: هو خداش بن بشر ويقال: بشير.
(٣) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٣٧.

صفحة رقم 15

قال النضر بن شميل: معناه سنحدّه على شربه الخمر، والخرطوم: الخمر وجمعه خراطيم. وقال الشاعر:

تظل يومك في لهو وفي طرب وأنت بالليل شرّاب الخراطيم «١»
قوله: إِنَّا بَلَوْناهُمْ يعني اختبرنا وامتحنّا أهل مكّة بالقحط والجوع. كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ.
أخبرنا أبو عمرو الفرابي أخبرنا أبو موسى أخبرنا الحريري حدّثنا فارس بن عمر حدّثنا صالح بن محمد حدّثنا محمد بن مزوان عن الكليني عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ قال: بستان باليمن يقال لها القيروان دون صنعاء بفرسخين، يطأه أهل الطريق، وكان غرسه قوم من أهل الصلاة، وكانت لرجل فمات فورثه بنين له، فكان يكون للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل فلم تجدّه، فإذا طرح من فوق المنجل أملى البساط، فكل شيء يسقط على البساط فهو أيضا للمساكين، فإذا حصدوا زروعهم فكل شيء تعدّاه المنجل فهو للمساكين، وإذا داسوا كان لهم كل شيء ينثر، فلما مات الأب ورثها هؤلاء الأخوة عن أبيهم، فقالوا: والله إنّ المال لقليل وإنّ العيال لكثير إنّما كان يفعل هذا الأمر إذا كان كثيرا والعيال قليلا، فأمّا إذا قلّ المال وكثر العيال فإنّا لا نستطيع أن نفعل هذا، فتحالفوا بينهم يوما ليعدون عدوة قيل خروج الناس فليصر من نخلهم ولم يستثنوا- لم يقولوا إن شاء الله- فغدا القوم بسدف من الليل إلى جنّتهم ليصرموها فرأوها مسودّة، وقد طاف عليها من الليل طائف من عذاب أصابها فأحرقها فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فذلك قوله تعالى: إِذْ أَقْسَمُوا حلفوا، لَيَصْرِمُنَّها لتجدّيها ولتقطيع ثمرها، مُصْبِحِينَ إذ أصبحوا قبل أن يعلم المساكين، وَلا يَسْتَثْنُونَ لا يقولون إن شاء الله، فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ عذاب مِنْ رَبِّكَ ولا يكون الطائف إلّا بالليل، وكان ذلك الطائف نارا أنزلت من السماء فأحرقتها. وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ كالليل المظلم الأسود، قال الشاعر:
تطاول ليلك الجون البهيم فما ينجاب عن صبح صريم «٢»
وقال الحسن: صرم عنها الخير فليس فيها شيء، ابن كيسان: كالجرة السوداء، ابن زيد:
كالأرض المصرومة، الأخفش: كالصبح انصرم من الليل، وقال المروّج: كالرملة انصرمت من معظم الرمل، وأصل الصريم: المصروم، وكلّ شيء قطع من شيء فهو صريم، فالليل صريم والصبح صريم، لأنّ كلّ واحد منهما ينصرم عن صاحبه.
قال ابن عباس: كالرماد الأسود بلغة حذيم.
(١) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٣٨.
(٢) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٤٢.

صفحة رقم 16

فَتَنادَوْا نادى بعضهم بعضا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ فَانْطَلَقُوا فمضوا إليها وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يتشاورون يقول بعضهم لبعض: أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ.
قال ابن عباس: على قدرة قادرين في أنفسهم. وقال أبو العالية والحسن: على جد وجهد. وللنخعي والقرطبي ومجاهد وعكرمة: على أمر مجتمع قد أسّسوه بينهم. وروى معمر عن الحسن قال: على فاقة، وقيل: على قوّة، وقال السدي: الحرد: اسم الجنّة. وقال سفيان:
على حنق وغضب، ومنه قول الأشهب بن رملة:

أسود شرى لاقت أسود خفية تساقوا على حرد دماء الأساود «١»
وفيه لغتان حرّد وحرد، مثل الدّرك والدرك، وقال أبو عبيدة والقتيبي: على منع والحرد، والمحاردة: المنع، تقول العرب: حاردت السنة، إذا لم يكن فيها مطر، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن.
قال الشاعر:
فإذا ما حاردت أو بكأت فت عن حاجب أخرى طينها «٢»
وقيل: على قصد، قال الراجز:
وجاء سيل كان من أمر الله يحرد حرد الجنّة المغلة «٣»
وقال آخر:
إمّا إذا حردت حردي فمجرية ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب «٤»
فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ لمخطئوا الطريق فليس هذه بجنتنا. فقال بعضهم: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ حرمنا خيرها ونفعها لمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء قالَ أَوْسَطُهُمْ أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم، أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ هلّا تستثنون، قال أبو صالح: استثناءهم:
سبحان الله. وقيل: هلا تسبحون الله وتقولون: سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم. وقيل:
هلّا تستغفرونه من فعلكم.
قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا ننزهه على أن يكون ظالما، وأقرّوا على أنفسهم بالظلم فقالوا: إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ في منعنا حقّ الفقراء وتركنا الاستثناء، وقال ابن كيسان: طغينا نعم الله فلم نشكرها.
(١) جامع البيان للطبري: ٢٩/ ٤٠.
(٢) لسان العرب: ١٣/ ٥١ وفيه: فك عن، جامع البيان للطبري: ٢٩/ ٤٠.
(٣) جامع البيان للطبري: ٢٩/ ٤١.
(٤) الصحاح: ٦/ ٢٣٠١. [.....]

صفحة رقم 17
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية