آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ

﴿والذين كذبوا بآياتنا﴾ متعلق بقوله تعالى مَّا فَرَّطْنَا فِى الكتاب مِن شَىْء والموصول عبارةٌ عن المعهودِين في قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ الايات ومحلُه الرفعُ على الابتداء خبرُه ما بعده أي أوردنا في القرآن جميعَ الأمور المهمة وأزَحْنا به العلل ة والأعذارَ والذين كذبوا بآياتنا

صفحة رقم 131

الأنعام آية ٤٠ ٤١
التي هي منه ﴿صُمٌّ﴾ لا يسمعونها سمعَ تدبرٍ وفهمٍ فلذلك يسمّونها أساطيرَ الأولين ولا يعدّونها من الآيات ويقترحون غيرها ﴿وَبُكْمٌ﴾ لا يقدِرون على أن ينطِقوا بالحق ولذلك لا يستجيبون دعوتك بهَا وقولُهُ تعالَى ﴿فِى الظلمات﴾ أي في ظلمات الكفر أو ظلمات الجهل والعناد والتقليد إما خبر ثان للمبتدأ على أنه عبارةٌ عن العمى كما في قوله تعالى صم بكم عمي وإما متعلقٌ بمحذوفٍ وقعَ حالاً من المستكنِّ في الخبر كأنه قيل ضالون كائنين في الظلمات أو صفةً لبكْم أي بُكم كائنون في الظلمات والمراد به بيانُ كمالِ عراقتهم في الجهل وسوء الحال فإن الأصمَّ الأبكمَ إذا كان بصيراً ربما يَفهم شيئاً بإشارةِ غيرِه وإن لم يفهَمْه بعبارته وكذا يُشعِرُ غيرَه بما في ضميره بالإشارة وإن كان معزولاً عن العبارة وأما إذا كان مع ذلك أعمى أو كان في الظلمات فينسدّ عليه بابُ الفهم والتفهيم بالكلية وقوله تعالى ﴿مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ﴾ تحقيقٌ للحق وتقريرٌ لما سبق ممن حالهم ببيانِ أنهم من أهل الطبْعِ لا يتأتَّى منهمْ الإيمانُ أصلاً فمَنْ مبتدأ خبره ما بعد ومفعولُ المشيئة محذوفٌ على القاعدة المستمرَّة من وقوعها شرطاً وكونِ مفعولِها مضمونَ الجزاءِ وانتفاءِ الغرابةِ في تعلقها به أي من يشأ الله إضلالَه أي أن يخلُق فيه الضلالَ يضلِلْه أي يخلُقه فيه لكن لا ابتداءً بطريق الجَبْرِ من غير أن يكونَ له دخلٌ ما في ذلك بل عند صَرْفِ اختياره إلى كَسْبه وتحصيلِه وقِسْ عليه قولُه تعالَى ﴿وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ على صراط مُّسْتَقِيمٍ﴾ لا يضِلُّ من ذهب إليه ولا يزِلُّ من ثبَت قدمُه عليه

صفحة رقم 132
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية