
استعداده لشؤون الجلال كأنه سأل بلسان الاستعداد كونه شقيا يسأله من فى السموات والأرض بلسان القال والحال والاستعداد كل يوم هو فى شأن يفيض ويعطى كل شىء ما يستعد من السعادة والشقاوة على حسب الاستعدادات فى الأعيان الثابتة الغيبية العلمية وعلم سبحانه وتعالى ان عبده يطيع فجعله سعيدا اى بمقتضى استعداده للسعادة الإجمالي والقابلية المودعة فى النشأة الانسانية بقوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فتلك الاجابة منهم تدل على الاستعداد السعادى الأزلي فلو لم يكن ذلك لما صح عليهم التكليف والخطاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب فاذا عرفت ان الإنسان سعيد وشقى فاستعداد السعيد لا يعطى الا الأقوال المرضية والافعال الحسنة والأخلاق الحميدة التي تورث الانبساط واستعداد الشقي لا يعطى الا التي تورث الانقباض فلذا امر الله تعالى حبيبه بالصبر وتحمل الإيذاء من اهل الشقاوة والقهر والجلال والابتلاء فى الدنيا سبب للغفران وتكميل الدرجات التي لا تنال فى الجنان الا على قدر البلاء وفى الخبر (ان فى الجنة مقامات معلقة فى الهواء يأوى إليها اهل البلاء كالطير الى وكره ولا ينالها غيرهم) وان الرجل يبتلى على حسب دينه فان كان فى دينه صلابة اشتد بلاؤه وان كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى وما عليه خطيئة والبلاء سوط الله على عباده كيلا يركنوا الى الدنيا ولا يشغلوا بها ويفروا الى الله من ضرب سوطه كما يفر الخيل الى مستقره والآخرة هى دار القرار
ما بلا را بكس عطا نكنيم | تا كه نامش ز أوليا نكنيم |

بينهم وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اى القرآن صُمٌّ لا يسمعونها سمع تدبر وفهم فلذلك يسمعونها أساطير الأولين ولا يعدونها من الآيات ويقترحون غيرها. وهو جمع أصم والمقصود تشبيه حالهم بحال الأصم لكن حذف حرف التشبيه للمبالغة وَبُكْمٌ لا يقدرون على ان ينطقوا بالحق ولذلك لا يستجيبون دعوتك. وهو جمع ابكم فِي الظُّلُماتِ اى ظلمات الكفر خبر ثالث للمبتدأ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ إضلاله اى ان يخلق فيه الضلال يُضْلِلْهُ اى يخلقه فيه لكن لا ابتداء بطريق الجبر من غير ان يكون له دخل ما فى ذلك بل عند صرف اختياره الى كسبه وتحصيله وَمَنْ يَشَأْ هدايته يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لا يضل من ذهب اليه ولا يزل من ثبت قدمه عليه وفى الآيات امور الاول ان غير الإنسان من الأمم ايضا وفى الحديث (لولا ان الكلاب امة لامرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم) وذلك لان الكلب الأسود شيطان لكونه اعقر الكلاب واخبثها وأقلها نفعا وأكثرها نعاسا ومن هذا قال احمد بن حنبل لا يخل الصيد به والاشارة ان ما يدب فى ارض البشرية ويتحرك كالسمع والبصر واللسان والأعضاء كلها والنفس وصفاتها وكذا ما يطير بجناحي الشريعة والطريقة كالقلب والروح وصفاتها امم أمثالكم فى السؤال عن أفعالهم وأحوالهم يدل عليه قوله تعالى إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا والثاني ان الحشر عام كما قال ابو هريرة رضى الله عنه يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شىء فيأخذ للجماء من القرناء كما فى الحديث (لتؤدن الحقوق الى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) اى يقتص للشاة التي لا قرن لها من التي لها قرن قال ابن ملك وفيه دلالة على حشر الوحوش كما قال الله تعالى وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ لكن القصاص فيها قصاص مقابلة لا قصاص تكليف انتهى. ثم يقال للبهائم والوحوش والطيور كونى ترابا فتكون ترابا مثل تراب ارض ذلك العالم وعند ذلك يتمنى الكافر ويقول الَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
قال الحدادي والمراد بهذا الافناء للبهائم بعد ان أحياها انه إفناء لا يكون فيه الم والثالث ان الذين ختم الله على قلوبهم فهم كالاصم والأبكم الاصليين ومن خاصة الأبكم ان يكون أصم: كما قال فى المثنوى
دائما هر كرا صلى كنك بود | ناطق آنكس شد كه از مادر شود «١» |
چون سليمان سوى مرغان سبا | يك صفيرى كرد بست آن جمله را «٢» |
جز مكر مرغى كه بد بي جان و پر | يا چوماهى كنك بود از اصل كر |
نى غلط كفتم كه كركر سر نهد | پيش وحي كبريا سمعش دهد |
(٢) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ.