آيات من القرآن الكريم

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ

كما ان قوله وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ عبارة عن كمال العلم قال المولى الفنارى فى تفسيره الفوقية من حيث القدرة لا من حيث المكان لعلو شأنه تعالى عن ذلك فانه تعالى قاهر للممكنات معدومة كانت او موجودة لانه يقهر كل واحد منهما بضده فيقهر المعدومات بالإيجاد والتكوين والموجودات بالافناء والإفساد وفى التأويلات النجمية وقد عم قهره جميع عباده فقهر الكفار بموت القلوب وحياة النفوس إذا اخطأهم النور المرشش على الأرواح فى بدء الخلقة فضلوا فى ظلمات الطبيعة وما اهتدوا الى نور الشريعة وقهر نفوس المؤمنين بانوار الشريعة فاخرجهم من ظلمات الطبيعة بالقيام على طاعته وقهر قلوب المحبين بلوعات الاشتياق فآنسها بلطف مشاهده وقهر أرواح الصديقين بسطوات تجلى صفات جلاله وبالجملة لا ترى شيأ سواه الا وهو مقهور تحت اعلام عزته وذليل فى ميادين صمديته فعلى العبد ان يعرف مولاه ويشتغل بعبوديته وهو الله تعالى الذي خلق كل شىء وأوجده وقهره- وحكى- عن الشيخ عبد الواحد بن زيد قدس سره قال كنت فى مركب فطرحتنا الريح الى جزيرة وإذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له يا رجل من تعبد فاومأ الى الصنم فقلنا له ان آلهك هذا مصنوع عندنا من يصنع مثله ما هذا بآله يعبد قال فانتم من تعبدون قلنا نعبد الذي فى السماء عرشه وفى الأرض بطشه وفى الاحياء والأموات قضاؤه تقدست أسماؤه وجلت عظمته وكبرياؤه قال ومن أعلمكم بهذا قلنا وجه إلينا رسولا كريما فاخبرنا بذلك قال ما فعل الرسول فيكم قلنا لما ادى الرسالة قبضه الملك اليه واختار له ما لديه قال فهل ترك عندكم من علامة قلنا نعم ترك عندنا كتابا للملك قال فارونى كتاب الملك فانه ينبغى ان تكون كتب الملوك حسانا فاتيناه بالمصحف فقال ما اعرف هذا فقرأنا عليه سورة فلم يزل يبقى حتى ختمنا السورة فقال ينبغى لصاحب هذا الكلام ان لا يعصى ثم اسلم وحسن إسلامه ثم مات بعد ايام على احسن حال والحمد لله الملك المتعال فى الغدو والآصال انه هو المعبود المقصود واليه يأول كل امر موجود قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً- روى- ان قريشا قالوا لرسول الله يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا ان ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فارنا من يشهد انك رسول الله فانهم انكروك فانزل الله تعالى هذه الآية امر حبيبه عليه السلام بان يقول لهم أي شىء أعظم من جهة الشهادة قُلِ اللَّهُ اى الله اكبر شهادة فشهادته اكبر من شهادة الخلق فان شهادة الخلق وعلومهم لا تحيط بحقائق الأشياء كلها والحق سبحانه هو الذي يحيط علمه بجميع حقائق الأشياء امر له عليه السلام بان يتولى الجواب بنفسه للايذان بتعينه وعدم قدرتهم على ان يجيبوا بغيره شَهِيدٌ اى هو شهيد بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ على صدقى وَأُوحِيَ إِلَيَّ من جهته تعالى هذَا الْقُرْآنُ الشاهد بصحة رسالتى لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ اى أخوفكم بما فيه من الوعيد ايها الموجودون وقت نزول القرآن وَمَنْ بَلَغَ عطف على ضمير المخاطبين اى بلغه القرآن من الانس والجن الى يوم القيامة قال محمد بن كعب القرطبي من بلغه القرآن فكأنما رأى محمدا عليه السلام وسمع منه أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ الجاء لهم الى الإقرار باشراكهم إذ لا سبيل لهم الى إنكاره لاشتهارهم به والاستفهام فيه للانكار والتوبيخ والمعنى بالفارسية [آيا شماييد كه

صفحة رقم 17

گواهى ميدهيد] أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لهم لا أَشْهَدُ بذلك وان شهدتم به فانه باطل صرف قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ تكرير الأمر للتأكيد اى بل انما اشهد انه تعالى لا اله الا هو اى متفرد بالالوهية وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ به من الأصنام الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ جواب عما سبق من قولهم لقد سألنا عنك اليهود والنصارى والمراد بالموصول اليهود والنصارى وبالكتاب الجنس المتنظم للتوارة والإنجيل يَعْرِفُونَهُ اى محمدا عليه السلام بحليته ونعوته فى كتابهم كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ بحلاهم المعينة لهم- روى- ان رسول الله لما قدم المدينة قال عمر رضى الله عنه لعبد الله بن سلام انزل الله تعالى على نبيه هذه الآية فكيف هذه المعرفة فقال يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته كما اعرف ابني ولأنا أشد معرفة بمحمد منى با بنى لانى لا أدرى ما صنع النساء واشهد انه حق من الله تعالى فقال عمر وفقك الله يا ابن سلام الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ اى غبنوا أنفسهم من اهل الكتابين والمشركين بان ضيعوا فطرة الله التي فطر الناس عليها واعرضوا عن البينات الموجبة للايمان بالكلية وهو مبتدأ خبره قوله فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ لما انهم مطبوع على قلوبهم والفاء السببية تدل على ان تضييع الفطرة الاصلية والعقل السليم سبب لعدم الايمان قال البغوي وذلك ان الله تعالى جعل لكل آدمي منزلا فى الجنة ومنزلا فى النار فاذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل اهل النار فى الجنة ولاهل النار منازل اهل الجنة فى النار وذلك هو الخسران وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
لوصفهم النبي المنعوت فى الكتابين بخلاف أوصافه عليه السلام فانه افتراء على الله تعالى وبقولهم الملائكة بنات وقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله ونحو ذلك اى لا أحد اظلم منه أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ كأن كذبوا بالقرآن وبالمعجزات وسموها سحرا وحرفوا التوراة وغيروا نعوته عليه السلام فان ذلك تكذيب بآياته وكلمة او للايذان بان كلا من الافتراء والتكذيب وحده بالغ غاية الافراط فى الظلم كيف وهم قد جمعوا بينهما فاثبتوا ما نفاه الله تعالى ونفوا ما أثبته إِنَّهُ اى الشان لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ اى لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب وإذا كان حال الظالمين هذا فما ظنك بمن فى الغاية القاصية من الظلم وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا يوم منصوب على الظرفية بمضمر مؤخر قد حذف إيذانا بضيق العبارة عن شرحه وبيانه والحشر جمع الناس الى موضع معلوم والضمير للكل وجميعا حال منه والمعنى ويوم نحشر الناس كلهم ثم نقول للمشركين خاصة للتوبيخ والتقريع على رؤس الاشهاد ما نقول كان من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به دائرة المقال والعطف بثم للتراخى الحاصل بين مقامات يوم القيامة فى المواقف فان فيه مواقف بين كل موقف وموقف تراخ على حسب طول ذلك اليوم أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ اى آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله فالاضافة مجازية باعتبار اثباتهم الشركة لآلهتهم الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ اى تزعمونها شركاء شفعاء والزعم القول الباطل والكذب فى اكثر الكلام ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا الفتنة مرفوع على انه اسم تكن والخبر الا ان قالوا والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء وفتنتهم اما كفرهم مرادا به عاقبته اى لم تكن عاقبة كفرهم الذي التزموه مدة

صفحة رقم 18
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية