
عنكم كما غاب ((عنكم)) ما أنزل على الطائفتين ((من)) قبلكم، إذ هو بغير لسانكم، فهو حجة عليكم ﴿وَهُدًى﴾ أي: بيان للحق، ﴿وَرَحْمَةٌ﴾: أي: لمن عمل به.
وقوله: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ الله وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ أي: من أشد ظلماً منكم إذ كذبتم بآيات الله وصدفتم عنها، أي: أعرضتم فلم تؤمنوا بها. ﴿سَنَجْزِي الذين يَصْدِفُونَ﴾ أي: سنثيب الذين يعرضون عن ﴿آيَاتِنَا سواء العذاب﴾ أي:
شديده، ﴿بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ﴾ أي: يعرضون عن آيات الله في الدنيا.
قوله: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الملائكة (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ)﴾ الآية.
(والمعنى): هل ينظر هؤلاء المشركون ﴿إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الملائكة﴾، يعني عند

الموت، تقبض أرواحهم، ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ أي: لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُءَايَاتِ رَبِّكَ﴾ وذلك طلوع الشمس من مغربها، قاله مجاهد.
ثم قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا﴾ أي: إذا طلعت (الشمس) من مغربها، لم ينفع الكافر إيمانه. روى أبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها "، فذلك حين ﴿لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانها خَيْراً﴾.
وعنه ﷺ أنه قال: " إن باب التوبة مفتوح قبل المغرب عرضُهُ مسيرة سبعين عاما، لا يزال مفتوحاً حتى تطلع من قبله الشمس "، ثم قرأ الآية.

قال عبد الله بن عمر: يمكث الناس بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومائة سنة.
قال النبي عليه السلام: " وآية تلكم الليلة أن تطول كقدر ثلاث ليال " وقال ابن مسعود: بقي من الآيات أربع: " طلوع الشمس من مغربها، ودابة الأرض، والدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، والآية التي تختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها ".
المعنى: ﴿أَوْ كَسَبَتْ في إيمانها خَيْراً﴾ أي (و) عملت في تصديقها بالله عملاً صالحاً، فمن عمل - قبل الآية - خيراً قُبِل منه ما يعمله بعد الآية، ومن لم يعمل - قبل الآية - خيراً لم يُقْبَل منه ما يعمله بعد الآية.
ثم قال تعالى: ﴿قُلِ انتظروا﴾ أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: انتظروا