
هـ- أن يكون المثلان على وزن (افْعَلْ) في التعجب، نحو:
أحبب بالعلم.
وأن يعرض سكون أحد المثلين لا تصاله بضمير رفع متحرك كمددت.
ز- أن يكون مما شذت العرب في فكه اختيارا، وهي ألفاظ محفوظة تقدم ذكرها في مستهل البحث.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٤٥ الى ١٤٦]
قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦)
اللغة:
(مَسْفُوحاً) : السفح: الصبّ، وسفح يأتي لازما ومتعديا، يقال: سفح فلان دمعه ودمه أي: أهرقه، إلا أن الفرق بينهما وقع

باختلاف المصدر، ففي المتعدي يقال: سفحا، وفي اللازم يقال: سفوحا، وفي هذه الآية وقع متعديا لأن اسم المفعول لا يبنى إلا من متعد، ومن اللازم ما أنشده أبو عبيدة لكثيّر عزة:
أقول ودمعي واكف عند رسمها | عليك سلام الله والدمع يسفح |
وقد مر ذكر هذه المادة وخصائص اجتماع السين والفاء فاء وعينا للكلمة.
(الْحَوايا) : الأمعاء والمصارين.
الإعراب:
(قُلْ: لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) كلام مستأنف مسوق لبيان ما حرمه الله تعالى عليهم، وجملة لا أجد مقول القول، وفيما جار ومجرور متعلقان بأجد، وجملة أوحي إليّ لا محل لها لأنها صلة الموصول، وإليّ جار ومجرور في موضع رفع على أنه نائب فاعل أوحي، ومحرما مفعول به لأجد، أي: شيئا محرما، وعلى (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) الاستثناء متصل، طاعم جار ومجرور متعلقان بمحرّم، وجملة يطعمه صفة لطاعم لأنه استثناء من الجنس، وموضعه نصب، ويجوز أن يكون استثناء صفحة رقم 259

منقطعا، لأنه كون وما قبله عين، وموضعه نصب أيضا، وميتة خبر يكون. واسمها مستتر يعود على قوله: «محرما» وجملة الاستثناء نصب على الحال، ودما منسوق على ميتة، ومسفوحا صفة، أي:
سائلا كالدم في العروق لا كالكبد والطحال، وأو لحم خنزير معطوف عطف نسق أيضا (فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الفاء للتعليل، وإن واسمها، ورجس خبرها، وأو حرف عطف، وفسقا معطوف عطف نسق على لحم خنزير، وجملة أهل صفة، وأهل فعل ماض، ولغير الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، وبه جار ومجرور متعلقان بأهل، وجملة «فإنه رجس» تعليلية لا محل لها (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الفاء استئنافية، ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، واضطر فعل ماض مبني للمجهول في محل جزم فعل الشرط، والجواب محذوف، أي: فلا مؤاخذة عليه. ومعنى اضطر أصابته الضرورة الداعية إلى تناول شيء مما ذكر، وغير باغ حال، أي: غير ظالم. ولا عاد عطف على باغ، أي غير معتد. وقد سبق تحقيق كلام مماثل له في سورة البقرة. والفاء تعليلية وإن واسمها، وغفور خبر أول، ورحيم خبر ثان، وجملة فعل الشرط وجوابه خبر «من» (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) كلام مستأنف مسوق لبيان سبب تحريم كل ذي ظفر على اليهود لظلمهم، وقد تقدم تحقيق ذلك في سورة البقرة، وليشمل كل ذي ظفر، وهو النعامة والبعير ونحو ذلك من الدواب، وكل ما لم يكن مشقوق الأصابع من البهائم والطير، مثل البعير والنعامة والأوز والبط. وعلى الذين جار ومجرور متعلقان بحرمنا، وهادوا فعل وفاعل، وحرمنا فعل وفاعل أيضا، وكل مفعول به، وذي مضاف إليه، وظفر مجرور بإضافة «ذي» إليه (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) الواو عاطفة، ومن البقر

جار ومجرور متعلقان بحرمنا والغنم عطف على البقر، وعليهم جار ومجرور متعلقان بحرمنا، وشحومهما مفعول به، والمعنى أنه حرم عليهم لحم كل ذي ظفر وشحمه، وكل شيء منه، وترك البقر والغنم على التحليل، ولم يحرم منهما إلا الشحوم الخالصة، وهي الثروب، أي: الشحوم الرقيقة التي تغشى الكرش والأمعاء وشحم الكلى. جمع كلية أو كلوة، بضم الكاف فيهما. (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) إلا أداة استثناء، وما اسم موصول في محل نصب على الاستثناء المتصل من الشحوم، وجملة الاستثناء حالية، وجملة حملت لا محل لها لأنها صلة، وأو حرف عطف والحوايا عطف على ظهورهما، أو ما اختلط بعظم أو حرف عطف، وما اسم موصول معطوف على ظهورهما، واختلط فعل ماض وفاعله هو، وبعظم جار ومجرور متعلقان باختلط (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) الجملة لا محل لها لأنها مفسرة لبيان علة التحريم، وذلك اسم الاشارة مبتدأ، وجملة جزيناهم خبر، وببغيهم جار ومجرور متعلقان بجزيناهم، ولا بد من تقدير ضمير، أي: جزيناهم به، بسبب بغيهم. وسيأتي مزيد من إعراب هذا التعبير. والواو استئنافية أو حالية، وإن واسمها، واللام المزحلقة، وصادقون خبر إن.
الفوائد:
قال أبو البقاء: «ذلك في موضع نصب بجزيناهم، وقيل: مبتدأ، والتقدير جزينا هموه، وقيل: هو خبر لمحذوف، أي الأمر ذلك» ويلاحظ أن أبا البقاء لم يبّين على أي شيء انتصب؟ هل على المصدر أو على المفعول به؟ وقال الزمخشري: «ذلك الجزاء جزيناهم، وهو