آيات من القرآن الكريم

قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ ﴾ ؛ أي وَأنْشَأَ مِنَ الإِبلِ اثْنَيْنِ ؛ ذكَرٍ وأُنثى من جملةِ الثمانيةِ الأزواجٍ، ﴿ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ﴾ ؛ ذكَرٍ وأُنثى، ﴿ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ ﴾ ؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّد : إنَّكم تُحَرِّمُونَ الولدَ من الجاموس والإبلِ والبقرِ على النِّساء، فمِنْ أينَ جاء هذا التحريمُ ؛ مِن قِبَل الذكور ؛ ﴿ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ ﴾ ؛ أي مِن قِبَلِ الإناث ؟ ﴿ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ ﴾، أي مَن الذي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أرْحَامُ الأُنَثَيَيْنِ، ﴿ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَـاذَا ﴾ ؛ أي أمْ شاهَدتُم اللهَ تعالى حرَّم هذه الأشياءِ التي تحرِّمونَها وأمرَكم بتحريْمها.
يعني إذا كُنْتُمْ لا تُقِرُّونَ بِنَبِيٍّ من الأنبياءِ ؛ فمِن أينَ عَلِمْتُمْ تحريمَ اللهِ ؛ أبالْقِيَاسِ ؟ لأنَّ الله تعالى أمَرَ نَبيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن يُنَاظِرَهُمْ، ويُبَيِّنَ بالحجَّةِ فسادَ قولِهم وبطلانَ اعتقادِهم، فلمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ " قَرَأهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ على أبي الأحْوَصِ الْجُشَمِي ومَالِكِ بْنِ عَوْفٍ - وكان هو الَّذي يُحَرِّمُ لَهم، وكانوا يرجعون إليه فيه - فَسَكَتَ مَالِكُ وَتَحَيَّرَ فِي الْجَوَاب. فَقَالَ ﷺ :" مَا لَكَ يَا مَالِكُ لاَ تَتَكَلَّمُ ؟ " فَقَالَ لَهُ مَالِكُ : بَلْ تَكَلَّمْ أَنْتَ ؛ أنَا أسْمَعُ ".
فنزلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ ؛ هذا استفهامٌ بمعنى التَّوْبِيْخِ وَالتَّعَجُّب ؛ معناه : أيُّ أحدٍ أعْتَى وأجرأ على اللهِ مِمَّنِ اختلقَ على اللهِ كَذِباً ﴿ لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ أي لِيَصْرِفَ الناسَ عن دِينه وحُكْمِهِ بالْجَهْلِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ ؛ أي لا يُهْدِيْهِمْ إلى الْحُجَّةِ فيما افْتَرَواْ على اللهِ، ويقالُ : لا يهديهم إلى حُجَّتِهِ وثوابهِ.
فلما نزلَتْ هذه الآيةُ قال مالكُ بنُ عوفٍ : فِيْمَ هذا التحريمُ الذي حَرَّمَهُ آباؤُنا من السَّائِبَةِ والوَصِيْلَةِ والْحَامِ وَالْبَحِيْرَةِ ؟ فَأنزلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ ؛ فقرأ النبيُّ ﷺ الآية، ثُمَّ قَالَ :" يَا مَالِكُ ؛ أسْلِمُ " فَقَالَ : إنِّي امْرِؤٌ مِنْ قَوْمِي فَأُخْبرُهُمْ عَنْكَ. فأَبَى قَوْمُهُ ؛ فَقَالُواْ : كَيْفَ رَأيْتَ ؟ فَقَالَ : رَأَيْتُ رَجُلاً مُعَلَّمًا. وَذكَرَ لَهُمْ ؛ فَقَالُواْ : إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ.
ومعنى الآية : قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ : لاَ أجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلَيَّ من القرآن شيئاً مُحَرَّماً عَلَى آكِلٍ يَأْكُلُهُ إلاَّ أنْ يَكُونَ مَيْتَةً لَمْ يُذكَّ ؛ وهي تَموتُ حَتْفَ أنْفٍ. فمَنْ قرأ ﴿ إِلاَّ أَن يَكُونَ ﴾ بالياء فعلى معنى : إلاَّ أن يكونَ المأكولُ ميتةً. ومن قرأ بالتاء ؛ فعلى معنى : إلا أن تكونَ تلك الأشياءُ ميتةً. وقرأ عَلِيٌّ رضي الله عنه :(يَطَّعِمُهُ) بتشديدِ الطاء، فأدْغَمَ التاءَ في الطاء.

صفحة رقم 0
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحدادي اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية