آيات من القرآن الكريم

قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

من جنسَي الغنمِ والإبلِ والبقرِ، وذلك أنهم كانوا يحرِّمون ذكورَ الأنعامِ تارةً، وإناثَها تارةً، وأولادَها تارة، ويقولون: قد حَرَّمَها الله، فأنكرَ ذلك عليهم.
﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ﴾ الهمزةُ للإنكار، و (أم) بمعنى (بل)، المعنى: بل أكنتم حُضورًا.
﴿إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا﴾ التحريمِ، وهذا تجهيلٌ لهم، وتقدَّم اختلاف القراءِ في الهمزتين من (شُهَدَاءَ إِذْ) في سورة البقرة.
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ فنسبَ إليه تحريمَ ما لم يحرِّمْ.
﴿لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ والمرادُ: عَمْرُو بنُ لُحَيٍّ ومَنْ تبعَه.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
...
﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)﴾.
[١٤٥] ثم بَيَّنَ أنَّ التحريم إنما يثبتُ بوحيِ اللهِ وشرعِه، فقال:
﴿قُلْ﴾ يا محمد:
﴿لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ شيئًا.
﴿مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ﴾ آكلٍ.
﴿يَطْعَمُهُ﴾ يأكلُه.
﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾ الحرامُ والمحرَّمُ: هو الممنوعُ عنهُ، وحكمُه

صفحة رقم 480

ما يأثم بفعله، ويثاب على تركه بنيةِ التقربِ إلى الله تعالى، قرأ أبو جعفرٍ، وابنُ عامر (تكون) بالتاء على التأنيث (ميتةٌ) رفع، أي: إلا أن تقع ميتة، وأبو جعفر على أصله في تشديد الياء. وقرأ ابنُ كثيرٍ، وحمزةُ: (تَكُونَ) بالتأنيث (مَيْتةً) نصبٌ على تقديرِ اسم مؤنثٍ؛ أي: إلا أن تكونَ النفسُ أو الجثةُ ميتةً، وقرأ الباقونَ: بالياء على التذكير (ميتةً) نصبٌ؛ يعني: إلا أن يكونَ المطعومُ ميتةً (١).
﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ مصبوبًا.
﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ حرامٌ.
﴿أَوْ فِسْقًا﴾ عطف على ﴿لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾، وما بينهما اعتراض للتعليل.
﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ ذُبح على غيرُ اسمِ الله، وسُمي ما ذُبح على غير اسم الله فسقًا؛ لتوغُّله في الفسقِ.
﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ إلى أكلِ شيءٍ من هذه المحرماتِ، فأكلَ.
﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾ على مضطرٍ مثلِه.
﴿وَلَا عَادٍ﴾ قدرَ الضرورةِ.
﴿فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لا يُؤاخذه. وتقدَّم اختلاف القراء في قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾ ومذاهبُ الأئمةِ في حكمِ أكلِ الميتةِ في سورةِ البقرةِ عندَ تفسيرِ قولهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ﴾ [البقرة: ١٧٣].

(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٠٨)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٦٦)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢١٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٣٣٠).

صفحة رقم 481
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية