آيات من القرآن الكريم

وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ

فماذا قالوا عند ما قيل لهم: ألم يأتكم رسل منكم في الدنيا؟! قالوا: نعم... أتتنا الرسل وقصت علينا أحسن القصص، وبشرتنا وأنذرتنا ببليغ الكلم، يا عجبا لهم شهدوا على أنفسهم بهذا، وقد كانوا في الدنيا مخدوعين بها، مغرورين بمالها وجاهها وبريقها!!! فهم قد شهدوا على أنفسهم بأنهم كانوا كافرين.
وللقيامة مواقف، فتارة يعترفون بإرسال الرسل إليهم، وتارة لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، وتارة تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم بما كانوا يعملون وتارة يكذبون ويقولون: ما كنا مشركين.
ذلك الذي ذكر من إرسال الرسل للخلق، تقص الآيات، وتتلوا البينات، لإصلاح حال الأفراد والجماعات، في شئونهم الدنيوية والأخروية، كل ذلك بسبب أن الله لم يكن من سنته أن يهلك الأمم ظالما وهم غافلون عما يجب عليهم، بل لا بد من إرسال الرسل لتنير الطريق، وتهدى السبيل فمن عصى بعد ذلك استحق العقاب، ومن آمن وعمل صالحا استحق الثواب: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا فالله لا يظلم أحدا من خلقه، ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فاعتبروا أيها المسلمون، واعلموا أن ما نزل بكم إنما هو نتيجة لترك الدين وما فيه، واعلموا أن لكل عامل درجات ومراتب مما عمل، وجزاء عليه إن خيرا فخير وإن شرّا فشر، وما ربك بغافل عما تعملون.
تهديد وإنذار [سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٣٣ الى ١٣٥]
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (١٣٤) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥)

صفحة رقم 665

المفردات:
يُذْهِبْكُمْ: يهلككم. مِنْ ذُرِّيَّةِ: من نسل قوم آخرين.
مَكانَتِكُمْ: حالكم التي أنتم عليها.
المعنى:
وربك الغنى عن خلقه وعن عبادتهم، والكل فقير إلى رحمته وعفوه، يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «١» وهو ذو الرحمة بأوليائه وأهل طاعته، رحمته وسعت كل شيء، إذ كل ما عداه محتاج إليه في وجوده وبقائه.
إن يشأ يذهبكم يا أهل مكة ويأت بخلق غيركم أفضل منكم وأطوع، وإن يشأ يستخلف من بعدكم من يشاء من الأقوام فإنه هو الغنى القادر على إهلاككم وإنشاء قوم آخرين من ذريتكم أو ذرية غيركم، يكونون أسمى منكم روحا وأصفى منكم نفسا، وقد صدق الله وعده، فأذهب المستكبرين المعاندين الجاحدين من زعماء الشرك، واستخلف من بعدهم قوما آخرين هم الصحابة والسابقون من الأنصار والمهاجرين، وبعد هذا الإنذار في الدنيا، إنذار في الآخرة، وهو: إن ما توعدون من جزاء وثواب آت لا شك فيه، وما أنتم بمعجزين الله بهرب ولا بمنع، وهو القاهر فوق عباده.
قل لهم يا محمد: يا قوم اعملوا على مكانتكم وطريقتكم التي أنتم عليها، إنى عامل على طريقتي ومكانتى التي هداني إليها ربي، ورباني عليها، ولسوف تعلمون من تكون له العاقبة الحسنة والنهاية العظمى. قال الزمخشري في تفسيره «الكشاف» : اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ تحتمل وجهين: اعملوا على تمكنكم وأقصى استطاعتكم.
وإمكانكم واعملوا على جهتكم وحالكم التي أنتم عليها، والمراد اثبتوا على كفركم وعداوتكم فإنى ثابت على الإسلام، فسوف تعلمون الذي تكون له العقبى يوم القيامة، وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «٢» وهذا إنذار لطيف المسلك دقيق المآخذ، مع التوجيه إلى النظر والفكر وحسن الأدب وبيان السبب في الحكم للنبي صلّى الله عليه وسلّم إذ لا يفلح الظالمون لأنفسهم بالكفر.

(١) سورة فاطر آية ١٥. [.....]
(٢) سورة سبأ آية ٢٤.

صفحة رقم 666
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية