
(وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦)
* * *
بعد أن بين الله تعالى شرح صدر المؤمن لنور الحق، وضيق صدر الكافر، حتى لَا يدخل النور قلبه، بعد ذلك بيَّن الصراط المستقيم، والصراط هو الطريق والخط المستقيم.
والإشارة في قوله تعالى: (وَهَذَا صرَاطُ رَبِّكَ) إشارة إلى ما أوحي للنبي - ﷺ - مما نزل عليه من الدين والقرآن، وقال سبحانه وتعالى: (مُسْتَقِيمًا) وهي حال من اسم الإشارة، وهو حكم من الله تعالى بأنه مستقيم، لَا عوج فيه، ولا

التواء، والخط المستقيم يصل إلى الحق بأقل طريق، وقال تعالى إن ذلك الحق واضح نيِّر مسلوك، ولذا قال تعالت كلماته: (قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ) أي بينا الأدلة القائمة على صدقه، أو يراد من الآيات القرآنية أي بيناها ووضحناها لقوم يذكرون، من شأنهم التذكر والإدراك السليم، فلم يطمس على قلوبهم، ولم تضيق عن الحق صدورهم، والله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
* * *
الجزاء
(لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)
* * *
بعد أن ذكر الله سبحانه حال الناس في الدنيا بين مهدي كتبت له الهداية، وبين شقي كتبت له الغواية، وبين من هداه الله إلى الصراط المستقيم صراط الله، أخذ يبين سبحانه جزاء كل من الفريقين، وابتدأ سبحانه بمن هداه الله تعالى إلى صراط العزيز الحميد، فقال تعالى: