مملوأ بالخوض فى المحظورات وارتكاب المحرمات قال فاختبر يديه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بتناول الحرام وما لا يحل من الشهوات واللذات قال فاختبر رحليه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بالسعي فى النجاسات والأمور المذمومات قال يا أخي لا تعجل عليه ودعنى انزل اليه فنزل اليه الملك الثاني واقام عنده ساعة وقال يا أخي قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ ايمانا فاكتبه مرحوما سعيدا ففضل الله تعالى يستغرق ما عليه من الذنوب والخطايا: قال السعدي قدس سره
عروسى بود نوبت ما تمت... كرت نيك روزى بود خاتمت
يعنى يوم وفاتك يكون يوم فرح وسرور ان كنت ممن قبض على الايمان نسأل الله عفوه ورجاه
الهى بحق نبى فاطمه... كه بر قول ايمان كنم خاتمه
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ اى عمدا إذ الناسي حال نسيانه لا يكون مكلفا وذكر الله تعالى فى قلب كل مؤمن واما العامد فلأنه لما ترك التسمية عمدا فكأنه نفى ما فى قلبه ويدخل فيه الميتة لانها مما لم يذكر اسم الله عليه وكذا ما ذبح على اسم غيره تعالى وَإِنَّهُ اى الاكل منه او عدم ذكر التسمية لَفِسْقٌ اى خروج لما لا يحل فان من ترك التسمية عامدا حال الذبح لا يحل أكل ذبيحته عند الامام الأعظم واعلم ان المشركين جادلوا المسلمين فقالوا أتأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتله الله فانزل الله الآية وأجاب بجواب أعم ونبى الحرمة على وصف يشمل الكل وهو ترك الذكر وَإِنَّ الشَّياطِينَ اى إبليس وجنوده لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ اى يوسوسون الى المشركين. والوحى إلقاء المعنى الى النفس مع الخفية لِيُجادِلُوكُمْ ايها المؤمنون فى تحليل الميتة بالوساوس الشيطانية وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ فى استحلال الحرام وساعدتموهم على أباطيلهم إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ضرورة ان من ترك طاعة الله الى طاعة غيره واتبعه فى دينه فقد أشرك به تعالى بل آثره عليه سبحانه والاشارة لا تأكلوا طعاما الا بامر الله وعلى ذكر الله وفى طلب الله ليندفع بنور الذكر ظلمة الطعام وشهوته وان ظلمة الطعام وشهوته مؤدية الى الفسق الذي هو الخروج من النور الروحاني الى الظلمة النفسانية وفى الحديث (ان الشيطان يستحل الطعام الا بذكر اسم الله عليه) اى لانه لا يذكر اسم الله عليه بعد الشروع وما لم يشرع فيه أحد لا يتمكن الشيطان من استحلاله وفيه اشارة الى انه ان سمى واحد من الآكلين حصل اصل السنة ومن نسى التسمية فى أول الطعام فانه يقول حين يذكر بسم الله اوله وآخره فاذا قال ذلك فقد تدارك تقصيره وهذا بخلاف الوضوء فان التسمية سنة فى اوله بحيث لو نسيها فى اوله ثم تذكر فى وسطه لم يكن هذا تداركا لسنة التسمية وذلك لان الوضوء كله عمل واحد بخلاف الاكل فان كل لقمة أكلة وكان رجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه الا لقمة فلما رفعها الى فيه قال بسم الله اوله وآخره فضحك النبي عليه السلام ثم قال (مازال الشيطان يأكل معه فلما ذكر اسم الله تعالى استقاء ما فى ما بطنه) وهذا الحديث يدل على ان الشيطان يأكل بمضغ وبلع كما ذهب اليه قوم وقال آخرون أكل الشيطان صحيح لكنه تشمم واسترواح وانما المضغ والبلع لذوى الجثث والشياطين أجسام رقاق قال فى آكام المرجان كل ما لم يسم عليه من طعام او شراب او لباس او غير ذلك مما ينتفع به فللشيطان
صفحة رقم 95
تصرف واستعمال اما بإتلاف عينه كالطعام واما مع بقاء عينه قال ثعلبة بن سهيل كنت اصنع شرابا لى اشربه فى السحر فاذا جاء السحر جئت فلا أجد شيأ فوضعت شرابا آخر وقرأت عليه يس فلما كان السحر جئت فاذا الشراب على حاله وإذا شيطان أعمى يدور حول البيت وفى الحديث (ان الشيطان حساس خاس فاحذروه على أنفسكم من بات وفى يده ريح غمر فاصابه شىء فلا يلومنّ الا نفسه) قال بعض ارباب الاشارة انما حرم أكل ما لم يذكر اسمه عليه لان العارف حبيب الله والحبيب لا يذبح ولا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يفرش ولا يفعل شيأ الا باسم حبيبه ألا ترى ان يعقوب عليه السلام كان يقول فى جميع أحواله يوسف وانما وجبت التسمية عند الذبائح لان مرارة النزع شديدة وذكر اسم الله تعالى احلى من كل شىء فامرنا بالتسمية عند الذبائح كى تسمع الشاة ذكر الله عند الموت فلا تشتد مرارة النزع مع حلاوة اسم الله ولذلك قال عليه السلام (لقنوا موتاكم بشهادة ان لا اله الا الله يسهل عليكم سكرات الموت) فلما كان الاحياء والامانة من الله تعالى وحده لم يجز ان يذبح باسم غيره تعالى ونهى رسول الله ﷺ عن أكل ما ذبح للجن وعلى اسمها واستنبط بعض الخلفاء عينا وأراد اجراءها وذبح للجن عليها لئلا يغور ماؤها فاطعم ذلك ناسا فبلغ ذلك ابن شهاب فقال اما انه قد ذبح ما لم يحل له واطعم الناس ما لا يحل لهم وكان من عادة الجاهلية قبل الإسلام تزيين جارية حسناء وإلباسها احسن ثيابها والقاءها فى النيل حتى يطلع ثم قطع تلك السنة الجاهلية على يدى من أخاف الجن وقمعها عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهكذا هذه العين لو حفرها رجل عمرى لم يذبح لهم عصفورا فما فوقه ولكن لكل زمان رجال فلو دوام انسان على اسم الله لا تحرقه النار ولا تغرقه البحار ولا تنهشه الحيات ولا تضره السموم لان كل مضر خلق مخوفا لمن يخاف الله فاذا خاف العبد من الله بكماله فله التسخير والتأثير
توهم كردن از حكم داور مپيچ
كه كردن نپيچد ز حكم تو هيچ
محالست چون دوست دارد ترا
كه در دست دشمن كذارد ترا
وقد ظهر لك من هذا كله ان إحراق البخور وإلقاء ماء الورد ورشه وذبح شىء من مكان يتوهم فيه الجن كله شرك يجب ان يحترز عنه وكذا من ذبح دجاجة لتصويتها مثل الديك او ذبح ديكا لتصويته قبل الوقت وهو السحر والقاها فى مكان فقد ذبح ذلك للجن فى اعتقاده لانه أراد به صيانة نفسه واهله وأولاده وماله من إصابة الجن والبلاء ولو كان لله تعالى لأكلها بل لو كان مخلصا لما فعل مثل هذا أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً- روى- عن ابن عباس ان أبا جهل رمى النبي عليه السلام بفرث فاخبر حمزة بما فعل ابو جهل وهو راجع من الصيد بيده قوس وكان يومئذ لم يؤمن بعد فلقى أبا جهل فضرب رأسه بالقوس فقال ابو جهل أما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا فقال حمزة وأنتم أسفه الناس تعبدون الحجارة من دون الله تعالى اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله فنزلت هذه الآيات والهمزة للانكار والنفي والواو لعطف الجملة الاسمية على مثلها الذي يدل عليه الكلام اى أنتم ايها المؤمنون مثل المشركين ومن كان ميتا فَأَحْيَيْناهُ أعطيناه الحياة وما يتبعها من القوى المدركة
صفحة رقم 96
والمتحركة وَجَعَلْنا لَهُ مع ذلك من الخارج نُوراً عظيما يَمْشِي بِهِ اى بسببه فِي النَّاسِ اى فيما بينهم آمنا من جهتهم كَمَنْ مَثَلُهُ اى صفته العجيبة فِي الظُّلُماتِ خبر مبتدأ محذوف اى هو فى الظلمات لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها بحال وهو حال من المستكن فى الظرف فمن الاولى موصولة مبتدأة وكمن خبرها وهى ايضا موصولة صلتها الجملة الاسمية الواقعة بعدها فالاولى تمثيل لمن هداه الله تعالى وانفذه من الضلال وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل بها فى الأشياء فيميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل كحمزة رضى الله عنه والثانية تمثيل لمن بقي على الضلالة لا يفارقها أصلا كأبى جهل كَذلِكَ اى كما زين للمؤمن من إيمانه زُيِّنَ اى من جهة الله تعالى بطريق الخلق او من جهة الشيطان بطريق الوسوسة لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ما استمروا على عمله من فنون الكفر والمعاصي وبهذا التزيين بقوا فى ظلمات الكفر والضلالة ولم يهتدوا الى نور الايمان والهداية قال ارباب الحقيقة الموت بهوى النفس والحياة بمحبة الحق وايضا الموت بالنكرة والحياة بالمعرفة وفرق بين حياة المعرفة وحياة البشرية فاهل العموم حى بحياة البشرية لكنه كالميت فى قبر قالبه لا يمكنه الخروج من ظلمات وجوده المجازى واهل الخصوص حى بحياة المعرفة فحياة البشرية تزول لقوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ بخلاف حياة المعرفة لقوله تعالى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وقوله عليه السلام (المؤمن حى فى الدارين)
نميرد هر كرا جانش تو باشى
خوشا جانى كه جانانش تو باشى
: قال الحافظ
هركز نميرد آنكه دلش زنده شد بعشق
ثبت است بر جريده عالم دوام ما
وفى التفسير الفارسي [شاه كرمانى اين آيت بر خواند كه أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ كفت نشان اين آيت سه چيز است از خلق عزلت وبا حق دعوت ودوام ذكر بر زبان ودل وبزركى اين معنى را نظم فرموده]
بر روى خلائق در صحبت مكشاى
مى باش بكلى متوجه بخداى
غافل مشو از ذوق دل وذكر زبان
تا زنده جاويد شوى در دو سراى
واعلم ان الحي الحقيقي الذي ما كان ميتا ولا يموت ابدا هو الله تعالى وما سواه فهو ميت لانه كان ميتا فى العدم وسيموت ايضا: قال الحافظ
من هماندم كه وضو ساختم از چشمه عشق
چار تكبير زدم يكسره تر هر چهـ كه هست
يعنى شاهدت جميع الخلق موتى بسبب الوصول الى مقام العشق والفناء قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من شهد الخلق لا فعل لهم فاز ومن شهدهم لا حياة لهم فقد فاز ومن شهدهم عين العدم فقد وصل وعن عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال مررت براهب فسألته منذ كم أنت فى هذا الموضع فقال منذ اربع وعشرين سنة قلت من أنيسك قال الفرد الصمد قلت ومن المخلوقين قال الوحش فسألته وما طعامك قال ذكر الله تعالى قلت ومن المأكولات قال ثمار هذه الأشجار ونبات الأرض قلت أفلا تشتاق الى أحد قال نعم الى حبيب قلوب
صفحة رقم 97