آيات من القرآن الكريم

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتاً أي في الضلالة هالكاً حائراً، فأحياه الله، أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه ووفقه لاتباع رسله، ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي الناس ﴾ أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به، والنور هو القرآن، كما روي عن ابن عباس، وقال السدي : الإسلام والكل صحيح، ﴿ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظلمات ﴾ أي الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة ﴿ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ﴾ أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما هو فيه. وفي الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال :« إن الله خلق خلقة في ظلمة، ثم رش عليهم من نوره، فمن أصابه ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل » كما قال تعالى :﴿ الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور والذين كفروا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ النور إِلَى الظلمات أولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [ البقرة : ٢٥٧ ]، وقال تعالى :﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [ الملك : ٢٢ ] ؟ وقال تعالى :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ هود : ٢٤ ] وقال تعالى :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير * وَلاَ الظلمات وَلاَ النور * وَلاَ الظل وَلاَ الحرور * وَمَا يَسْتَوِي الأحيآء وَلاَ الأموات إِنَّ الله يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القبور * إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ ﴾ [ فاطر : ١٩-٢٣ ]، والآيات في هذه كثيرة، ووجه المناسبة في ضرب المثلين هاهنا بالنور والظلمات ما تقدم في أول السورة ﴿ وَجَعَلَ الظلمات والنور ﴾ [ الأنعام : ١ ]، وزعم بعضهم : أن المراد بهذا المثل رجلان معينان، فقيل عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتاً فأحياه الله وجعل له نوراً يمشي به في الناس، وقيل : عمار بن ياسر، وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها أبو جهل ( عمرو بن هشام ) لعنه الله. والصحيح أن الآية عامة يدخل فيها كل مؤمن وكافر، وقوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي حسناً لهم ما كانوا فيه من الجهالة والضلالة قدراً من الله وحكمة بالغة، لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له.

صفحة رقم 784
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية