آيات من القرآن الكريم

كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
ﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ

فَيَحْلِفُونَ لَهُ قال مقاتل، وقتادة: يحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ من أَيمانهم الكاذبة أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ في قولهم وأيمانهم.
قوله عزّ وجلّ: اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ قال أبو عبيدة: غلب عليهم، وحاذهم، وقد بينا هذا في سورة النّساء عند قوله عزّ وجلّ: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ «١»، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله عزّ وجلّ:
أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ أي: في المغلوبين، فلهم في الدنيا ذلّ، وفي الآخرة خزي.
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)
قوله عزّ وجلّ: كَتَبَ اللَّهُ أي: قضى الله لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي وفتح الياء نافع، وابن عامر.
قال المفسرون: من بُعث من الرسل بالحرب، فعاقبة الأمر له، ومن لم يبعث بالحرب، فهو غالب بالحجة إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ أي: مانع حزبه من أن يذلّ.
قوله عز وجل: لا تَجِدُ قَوْماً الآية. اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
(١٤١٠) أحدها: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه يوم أُحد، وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، فقال: يا رسول الله دعني أكون في الرَّعلة الأولى، فقال: متِّعنا بنفسك يا أبا بكر، وفي مصعب بن عمير، قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد، وفي عمر قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر. وفي علي وحمزة قتلا عتبة وشيبة يوم بدر، قاله ابن مسعود.
(١٤١١) والثاني: أنها نزلت في أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه وذلك أن أبا قحافة سَبَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصكّه أبو بكر صَكَّةً شديدةً سقط منها، ثم ذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أو فَعلته» ؟ قال: نعم. قال: فلا تعُد إِليه، فقال أبو بكر: والله لو كان السيف قريباً مني لقتلته، فنزلت هذه الآية، قاله ابن جريج.
(١٤١٢) والثالث: نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ، وذلك أنه كان جالساً إلى جنب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فشرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ماءً، فقال عبد الله: يا رسول الله أبق فضلة من شرابك، قال: وما تصنع

ضعيف، عزاه البغوي في «التفسير» ٤/ ٣١٢/ ٢١٥٤ لمقاتل بن حيان عن مرة الهمداني عن ابن مسعود قوله:
ومقاتل ذو مناكر، وهو غير حجة.
باطل، أخرجه ابن المنذر كما في «أسباب النزول» ١٠٨٩ عن ابن جريج، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨٠٠ عن ابن جريج تعليقا، وهذا واه ابن جريح مدلس، لم يذكر من حدثه، ومع ذلك هو معضل، فالخبر شبه موضوع، قال الإمام أحمد: هذه المراسيل التي يرسلها ابن جريج كأنها موضوعة.
- راجع «الميزان» في ترجمة ابن جريج واسمه عبد الملك بن عبد العزيز.
عزاه المصنف للسدي، ولم أقف عليه، وهو مرسل بكل حال فهو واه.
__________
(١) النساء: ١٤١.

صفحة رقم 251

بها؟ فقال: أسقيها أبي، لعل الله سبحانه يطهر قلبه، ففعل، فأتى بها أباه، فقال: ما هذا؟ قال: فضلة من شراب رسول الله جئتك بها لتشربها، لعل الله يطهر قلبك، فقال: هلا جئتني ببول أُمِّكَ! فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في قتل أبي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ارفق به، وأحسن إليه، فنزلت هذه الآية، قاله السدي.
(١٤١٣) والرابع: أنها نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ حين كتب إلى أهل مكّة يخبرهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد عزم على قصدهم، قاله مقاتل، واختاره الفراء، والزجاج.
وهذه الآية قد بَيَّنتْ أن مودَّة الكفار تقدح في صحة الإيمان، وأن من كان مؤمناً لم يوالِ كافراً وإِن كان أباه أو ابنه أو أحداً من عشيرته.
قوله عزّ وجلّ: أُولئِكَ، يعني: الذين لا يوادُّون من حادَّ الله ورسوله كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وقرأ المفضل عن عاصم «كُتِبَ» برفع الكاف والنون من «الإيمان». وفي معنى «كتب» خمسة أقوال: أحدها: أثبت في قلوبهم الإيمان، قاله الربيع بن أنس. والثاني: جعل، قاله مقاتل. والثالث:
كتب في اللوح المحفوظ أن في قلوبهم الإيمان، حكاه الماوردي. والرابع: حكم لهم بالإيمان. وإنما ذكر القلوب، لأنها موضع الإيمان، ذكره الثعلبي. والخامس: جمع في قلوبهم الإيمان حتى استكملوه، قاله الواحدي. قوله عزّ وجلّ: وَأَيَّدَهُمْ أي قوّاهم بِرُوحٍ مِنْهُ في المراد «بالروح» هاهنا خمسة أقوال: أحدها: أنه النصر، قاله ابن عباس والحسن. فعلى هذا سمي النصر روحاً لأن أمرهم يحيا به. والثاني: الإيمان، قاله السدي. والثالث: القرآن، قاله الربيع. والرابع: الرحمة، قاله مقاتل. والخامس: جبريل عليه السلام أيَّدهم به يوم بدر، ذكره الماوردي. فأما حِزْبُ اللَّهِ فقال الزجاج: هم الدّاخلون في الجمع الذين اصطفاهم الله وارتضاهم، و «ألا» كلمة تنبيه وتوكيد للقصة.

عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط الرواية متهم بالكذب، وخبر حاطب في «الصحيحين» وليس فيه ذكر نزول هذه الآية.

صفحة رقم 252
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية