آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

[المجلد العاشر]

(٥٨) سورة المجادلة مدينة وآياتها ثنتان وعشرون
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤)

صفحة رقم 5

اللغة:
(يَظْهَرُونَ) مضارع ظاهر وقرىء يظهرون بتشديد الظاء والهاء، ويتظاهرون مضارع تظاهر ويتظهرون مضارع تظهر والمراد به كله الظهار وهو قول الرجل لزوجته أنت عليّ كظهر أمي يريد في التحريم كأنه إشارة إلى الركوب إذ عرفه في ظهور الحيوان والمعنى أنه لا يعلوها كما لا يعلو أمه، وفي القاموس: «والظهار قوله لامرأته أنت عليّ كظهر أمي وقد ظاهر منها وتظهّر وظهّر» وسيأتي المزيد من بحث هذه المادة في باب الفوائد.
الإعراب:
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ) قد حرف تحقيق وسمع الله فعل ماض وفاعل وأدغم الكسائي الدال في السين، وقول مفعول به والتي اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة تجادلك لا محل لها لأنها صلة الموصول وتجادلك فعل مضارع والفاعل مستتر يعود إلى المرأة المذكورة، وسيأتي حديثها في باب الفوائد، والكاف مفعول به- ولهذا سمّيت السورة المجادلة بكسر الدال على أنها اسم فاعل وقيل بفتحها وكسرها كما في حاشية الشهاب على البيضاوي والكسر أرجح على كل حال لأنه أنسب بالسياق- وفي زوجها متعلقان بتجادلك ولا بدّ من حذف مضاف أي في شأن زوجها وتشتكي عطف على تجادلك ويجوز أن تكون الواو حالية والجملة في موضع نصب على الحال وإلى الله متعلقان بتشتكي (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) الواو حالية والله مبتدأ وجملة يسمع خبر والفاعل مستتر يعود على الله وتحاوركما مفعول به والحوار في الكلام معروف وفي المصباح: «وحاورته راجعته الكلام وتحاورا وأحار الرجل الجواب

صفحة رقم 6

بالألف ردّه وما أحاره: ما ردّه» وإن واسمها وخبراها والجملة تعليلة لما قبلها (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان أحكام المظاهر، والذين مبتدأ وجملة يظاهرون صلة لا محل لها ومنكم حال أي حال كونهم منكم أيّها العرب ولا يخفى ما في هذه الحال من التهجين لعاداتهم والتوبيخ لهم، ومن نسائهم متعلقان بيظاهرون أي يحرمون نساءهم على أنفسهم كتحريم الله عليهم ظهور أمهاتهم وما نافية حجازية وهنّ اسمها وأمهاتهم خبرها ونصب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم والجملة خبر المبتدأ الذي هو الموصول (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) إن نافية وأمهاتهم مبتدأ وإلا أداة حصر واللائي اسم موصول في محل رفع خبر وجملة ولدنهم صلة وولدنهم فعل وفاعل ومفعول به (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) الواو عاطفة وانهم إن واسمها واللام المزحلقة ويقولون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة خبر أنهم ومنكرا صفة لمصدر محذوف أي قولا منكرا وزورا عطف على منكرا (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) الواو عاطفة وإن واسمها واللام المزحلقة وعفوّ خبر أول وغفور خبر ثان (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) كلام مستأنف مسوق لتفصيل حكم الظهار بعد بيان كونه منكرا ولك أن تعطف الكلام على ما تقدم لينتظم الحكم انتظاما أوليا، والذين مبتدأ وجملة يظاهرون صلة ومن نسائهم متعلقان بيظاهرون وثم حرف عطف للترتيب مع التراخي ويعودون عطف على يظاهرون ولما اللام حرف جر وما مصدرية والمصدر المؤول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بيعودون أي يعودون لقولهم ولك أن تجعل ما موصولة والجملة صلتها والعائد محذوف أي لما قالوه، والفاء رابطة لما في الموصول من معنى الشرط وتحرير رقبة مبتدأ خبره محذوف أي عليه تحرير رقبة والجملة خبر الذين ومن قبل متعلق

صفحة رقم 7

بمحذوف حال وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالإضافة (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ذلكم مبتدأ والإشارة إلى الحكم المذكور وجملة توعظون خبر فإن الغرامات زواجر عن اقتراف الجنايات والله مبتدأ وبما متعلق بخبير وجملة تعملون صلة وخبير خبر الله (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) الفاء عاطفة ومن اسم موصول مبتدأ ولم حرف نفي وقلب وجزم ويجد فعل مضارع مجزوم بلم والفاعل مستتر تقديره هو، فصيام الفاء رابطة وصيام مبتدأ وشهرين مضاف إليه ومتتابعين صفة والخبر محذوف أي عليه والجملة خبر من، ومن قبل أن يتماسّا تقدم إعرابها (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) تقدم إعرابها ومسكينا تمييز (ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ذلك مبتدأ والإشارة إلى ما سلف من البيان والتعليم، ولتؤمنوا لام التعليل ومدخولها خبر ذلك ويجوز أن تعرب اسم الإشارة نصبا بمضمر أي فعلنا ذلك لتؤمنوا وبالله متعلقان بتؤمنوا ورسوله عطف على الله (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) الواو
عاطفة وتلك مبتدأ وحدود الله خبر والواو عاطفة وللكافرين خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وأليم نعت لعذاب.
البلاغة:
في آية الظهار فن عجيب من فنون البلاغة وهو السلب والإيجاب وقد تقدمت الإشارة إليه وأنه بناء الكلام على نفي الشيء من جهته وإيجابه من جهة أخرى أو أمر بشيء من جهة ونهي عنه من جهة ثانية وفي قوله «الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنّ أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم» نفي لصيرورة المرأة أما بالظهار وإثبات الأمومة للتي ولدت الولد.

صفحة رقم 8
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية