آيات من القرآن الكريم

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ

سورة الحديد
مدنية وهي ألفان وأربعمائة وستة وسبعون حرفا وخمسمائة وأربع وأربعون كلمة وتسع وعشرون آية
أخبرنا أبو الحسين المقرئ، حدّثنا أبو بكر الاسماعيلي، حدّثنا وأبو الشيخ الأصفهاني قالا، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك، حدّثنا أحمد بن يونس اليربوعي، حدّثنا سلام بن سليم المدايني، حدّثنا هارون بن كثير، حدّثنا زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا بالله ورسوله» [٢١٤] «١».

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الحديد (٥٧) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨)
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ يعني هُوَ الْأَوَّلُ
قبل كل شيء بلا حد ولا ابتداء، كان هو ولا شيء موجود وَالْآخِرُ بعد فناء كل شيء وَالظَّاهِرُ الغالب العالي على كل شيء، وكل شيء دونه وَالْباطِنُ العالم بكل شيء، فلا أحد أعلم منه.
وهذا معنى قول ابن عباس.
(١) تفسير مجمع البيان: ٩/ ٣٨١.

صفحة رقم 227

وقال ابن عمر: الْأَوَّلُ بالخلق وَالْآخِرُ بالرزق، وَالظَّاهِرُ بالاحياء وَالْباطِنُ بالإماتة.
وقال الضحّاك: هو الذي أول الأول وآخر الاخر، وأظهر الظاهر وأبطن الباطن.
مقاتل بن حيان: هُوَ الْأَوَّلُ بلا تأويل أحد، وَالْآخِرُ بلا تأخير أحد وَالظَّاهِرُ بلا إظهار أحد وَالْباطِنُ بلا إبطان أحد.
وقال يمان: هُوَ الْأَوَّلُ القديم، وَالْآخِرُ الرحيم، وَالظَّاهِرُ الحليم، وَالْباطِنُ العليم.
وقال محمد بن الفضل: الْأَوَّلُ ببرّه وَالْآخِرُ بعفوه، وَالظَّاهِرُ بإحسانه وَالْباطِنُ بسرّه.
وقال أبو بكر الوراق: هُوَ الْأَوَّلُ بالأزلية وَالْآخِرُ بالأبدية، وَالظَّاهِرُ بالأحدية وَالْباطِنُ بالصمدية.
عبد العزيز بن يحيى: هذه الواوات مقحمة والمعنى: هو الأول الآخر الظاهر الباطن، لأن من كان منا أولا لا يكون آخرا، ومن كان ظاهرا لا يكون باطنا.
وقال الحسين بن الفضل: هُوَ الْأَوَّلُ بلا ابتداء، وَالْآخِرُ بلا انتهاء، وَالظَّاهِرُ بلا اقتراب، وَالْباطِنُ بلا احتجاب.
وقال القناد: الْأَوَّلُ السابق إلى فعل الخير والمتقدم على كل محسن إلى فعل الإحسان، وَالْآخِرُ الباقي بعد فقد الخلق، والخاتم بفعل الإحسان، وَالظَّاهِرُ الغالب لكل أحد، ومن ظهر على شيء فقد غلبه، وَالظَّاهِرُ أيضا: الذي يعلم الظواهر ويشرف على السرائر، وَالظَّاهِرُ أيضا:
ظهر للعقول بالإعلام وظهر للأرواح باليقين وإن خفي على أعين الناظرين، وَالْباطِنُ الذي عرف المغيّبات وأشرف على المستترات، وَالْباطِنُ أيضا: الذي خفي عن الظواهر فلم يدرك إلّا بالسرائر.
وقال السدي: الْأَوَّلُ ببرّه إذ عرّفك توحيده، وَالْآخِرُ بجوده إذ عرّفك التوبة على ما جنيت، وَالظَّاهِرُ بتوفيقه إذ وفقك للسجود له، وَالْباطِنُ بستره إذ عصيته فستر عليك.
وقال ابن عطاء: الْأَوَّلُ بكشف أحوال الدنيا حتى لا يرغبوا فيها، وَالْآخِرُ بكشف أحوال العقبى حتى لا يشكّوا فيها، وَالظَّاهِرُ على قلوب أوليائه حتى يعرفوه، وَالْباطِنُ عن قلوب أعدائه حتى ينكروه.
وقيل: الْأَوَّلُ قبل كل معلوم، وَالْآخِرُ بعد كل مختوم، وَالظَّاهِرُ فوق كل مرسوم، وَالْباطِنُ محيط بكل مكتوم.
وقيل هُوَ الْأَوَّلُ بإحاطة علمه بذنوبنا قبل وجود ذنوبنا، وَالْآخِرُ بسترها علينا في عقبانا، وَالظَّاهِرُ بحفظه إيانا في دنيانا، وَالْباطِنُ بتصفية أسرارنا وتنقية أذكارنا.

صفحة رقم 228

وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بالتكوين، بيانه قوله إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «١» وَالْآخِرُ بالتلقين، بيانه قوله يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا «٢» الآية.
وَالظَّاهِرُ بالتبيين بيانه يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ «٣» وَالْباطِنُ بالتزيين بيانه وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ «٤».
وقال محمد بن علي الترمذي: الْأَوَّلُ بالتأليف وَالْآخِرُ بالتكليف وَالظَّاهِرُ بالتصريف، وَالْباطِنُ بالتعريف.
وقال الجنيد: هُوَ الْأَوَّلُ بشرح القلوب، وَالْآخِرُ بغفران الذنوب، وَالظَّاهِرُ بكشف الكروب، وَالْباطِنُ بعلم الغيوب.
وسأل عمر كعبا عن هذه الآية فقال: معناها أن علمه بالأول كعلمه بالآخر وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بالهيبة والسلطان، وَالْآخِرُ بالرحمة والإحسان، وَالظَّاهِرُ بالحجة والبرهان، وَالْباطِنُ بالعصمة والامتنان.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بالعطاء، وَالْآخِرُ بالجزاء، وَالظَّاهِرُ بالثناء، وَالْباطِنُ بالوفاء.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بالبرّ والكرم، وَالْآخِرُ بنحلة القسم، وَالظَّاهِرُ بإسباغ النعم، وَالْباطِنُ بدفع النقم.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بالهداية، وَالْآخِرُ بالكفاية، وَالظَّاهِرُ بالولاية، وَالْباطِنُ بالرعاية.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بالانعام، وَالْآخِرُ بالإتمام، وَالظَّاهِرُ بالإكرام، وَالْباطِنُ بالإلهام.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بتسمية الأسماء، وَالْآخِرُ بتكملة النعماء، وَالظَّاهِرُ بتسوية الأعضاء، وَالْباطِنُ بصرف الأهواء.
وقيل: هُوَ الْأَوَّلُ بإنشاء الخلائق، وَالْآخِرُ بافناء الخلائق، وَالظَّاهِرُ بإظهار الحقائق، وَالْباطِنُ بعلم الدقائق.
وقال الواسطي: لم يدع للخلق نفسا «٥» بعد ما أخبر عن نفسه أنه الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ.

(١) سورة يس: ٨٢.
(٢) سورة إبراهيم: ٢٧.
(٣) سورة النساء: ٢٦.
(٤) سورة الحجرات: ٧.
(٥) كذا في المخطوط.

صفحة رقم 229

وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت الشبلي يقول: في هذه الآية أشياء ساقطة فإني أول آخر ظاهر باطن.
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
أخبرنا شعيب بن محمد أخبرنا مكي بن عبدان أخبرنا أحمد بن الأزهر حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بينما هو جالس في أصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال: «هل تدرون ما هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «هذا العنان هذا روايا الأرض يسوقه الله عزّ وجل إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإنها الرقيع موج مكفوف وسقف محفوظ».
قال: «فكم تدرون بينكم وبينها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإن بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة»
قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإن فوقها سماء أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة»
حتى عدّد سبع سماوات بين كل سماءين مسيرة خمسمائة سنة.
ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء السابعة مثلما بين سماءين».
ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإنها الأرض»
.
قال: «فهل تدرون ما تحتها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإن تحتها أرضا أخرى وبينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدّد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة»، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على الله» [٢١٥] ثم قرأ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ومعناه بالعلم والقدرة والخلق والملك.
أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا أبا مكي، أخبرنا أحمد بن منصور المروزي، حدّثنا علي ابن الحسن، حدّثنا أبو حمزة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: دخلت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألته خادما فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك أن تقولي: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الْحَبِّ وَالنَّوى أعوذ بك من شر كل شيء أنت أخذ بناصيته،

صفحة رقم 230
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية