آيات من القرآن الكريم

اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

وفيه دلالة على ان الناس ثلاثة اقسام مؤمن ظاهرا وباطنا وهو المخلص ومؤمن ظاهرا لا باطنا وهو المنافق وكافر ظاهرا وباطنا مَأْواكُمُ مرجعكم النَّارُ لا ترجعون الى غيرها ابدا هِيَ اى النار مَوْلاكُمْ تتصرف فيكم تصرف المولا في عبيده لما أسلفتم من المعاصي او أولى بكم فالمولى مشتق من الاولى بحذف الزوائد وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو اولى بكم كما يقال هو مئنة الكرم اى مكان لقول القائل انه كريم فهو مفعل من اولى كما ان مئنة مفعلة من ان التي للتأكيد والتحقيق غير مشتقة من لفظها لان الحروف لا يشتق منها بل ربما تتضمن الكلمة حروفها دلالة على ان معناها فيها او ناصركم على طريقة قوله (تحية بينهم ضرب وجيع) فان مقصوده نفى التحية فيما بينهم قطعا لان الضرب الوجيع ليس بتحية فيلزم أن لا تحية بينهم البتة فكذا إذا قيل لاهل النار هى ناصركم يراد به أن لا ناصر لكم البتة او متواليكم اى المتصرف فيكم تتولاكم كما توليتم في الدنيا موجباتها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى المرجع النار وفي التأويلات النجمية اى نار القطيعة والهجران مولاكم ومتسلطة عليكم وبئس الرجوع الى تلك النار وعن الشبلي قدس سره انه رأى غصنا طريا قد قطع عن أصله فبكى فقال أصحابه ما يبكيك فقال هذا الفرع قد قطع عن أصله وهو طرى بعد ولا يدرى ان مأله الى الذبول واليبس شبلى ديده زنى را كه ميكريد وميكويد يا ويلاه من فراق ولدي شبلى كريست وكفت يا ويلاه من فراق الأخدان زن كفت چرا چنين ميكويى شبلى گفت تو كريه ميكنى بر مخلوقى كه هر آينه فانى خواهد شد من چرا كريه نكنم بر فراق خالقى كه باقى باشد

فرزند ويار چونكه بميرند عاقبت اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ من أنى الأمر يأنى انيا واناء واناء إذا جاء اناه اى وقته وحان حينه وأدرك والخشوع ضراعة وذل اى ألم يجيئ وقت ان تخشع قلوبهم لذكره تعالى وتطمئن به ويسارعوا الى طاعته بالامتثال لاوامره والانتهاء عما نهوا عنه من غير توان ولا فتور قال بعضهم الذكر ان كان غير القرآن يكون المعنى ان ترق وتلين قلوبهم إذا ذكر الله فان ذكر الله سبب لخشوع القلوب اى سبب فالذكر مضاف الى مفعوله واللام بمعنى الوقت وان كان القرآن فهو مضاف الى الفاعل واللام للعلة لمواعظ الله تعالى التي ذكرها في القرآن ولآياته التي تتلى فيه وبالفارسية آيا وقت نيايد مر آنان را كه كرويده اند آنكه بترسد ونرم شود دلهاى ايشان براى ياد كردن خداى وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ اى القرآن وهو عطف على ذكر الله فان كان هو المراد به ايضا فالعطف لتغاير العنوانين فانه ذكر وموعظة كأنه حق نازل من السماء والا فالعطف كما في قوله تعالى انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا ومعنى الخشوع له الانقياد التام لاوامره ونواهيه والعكوف على العمل بما فيه من الاحكام التي من جملتها ما سبق وما لحق من الانفاق في سبيل الله روى ان المؤمنين كانوا مجدبين بمكة فلما هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه من الخشوع فنزلت وعن ابن مسعود

صفحة رقم 363

رضى الله عنه ما كان بين اسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية اربع سنين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن وعن الحسن رحمه الله والله لقد استبطأهم وهم يقرأون من القرآن اقل مما تقرءون فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق وقولى آنست كه مزاح ومضاحك در ميان اصحاب بسيار شد آيت نازل كشت كما قال الامام الغزالي رحمه الله في منهاج العابدين ثم الصحابة الذين هم خير قرن كان يبد ومنهم شيء من المزاح فنزل قوله تعالى الم يأن إلخ وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ان هذه الآية قرئت بين يديه وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا فنظر إليهم فقال هكذا كنا قست القلوب قال السهر وردى فى العوارف حتى قست القلوب اى تصلبت وادمنت سماع القرآن وألفت نواره فما استغربته حتى تتغير والواجد
كالمستغرب ولهذا قال بعضهم حالى قبل الصلاة كحال في الصلاة اشارة منه الى استمرار حال الشهود انتهى فقوله حتى قست القلوب ظاهره تقبيح للقلوب بالقسوة والتلوين وحقيقته تحسين لها بالشهود والتمكين قال البقلى رحمه الله في الآية هذا في حق قوم من ضعفاء المريدين الذين في نفوسهم بقايا الميل الى الحظوظ حتى يحتاجوا الى الخشوع عند ذكر الله وأهل الصفوة احترقوا في الله بنيران محبة لله ولو كان هذا الخطاب للاكابر لقال أن تخشع قلوبهم لله لان الخشوع لله موضع فناء العارف في المعروف وارادة الحق بنعت الشوق اليه فناؤهم في بقائه بنعت الوله والهيمان والخشوع للذكر موضع الرقة من القلب فاذا رق القلب خشع بنور ذكر الله لله كأنه تعالى دعاهم بلطفه الى سماع ذكره بنعت الخشوع والخضوع والمتابعة لقوله والاستلذاذ بذكره حتى لا يبقى في قلوبهم لذة فوق لذة ذكره قال أبو الدرداء رضى الله عنه أستعيذ بالله من خشوع النفاق قيل وما خشوع النفاق قال أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع

ور آوازه خواهى در إقليم فاش برون حله كن كو درون حشو باش
اگر بيخ اخلاص در يوم نيست ازين در كسى چون تو محروم نيست
زر اندود كانرا بآتش برند پديد آيد آنكه كه مس يا زرند
وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ عطف على تخشع والمراد النهى عن مماثلة اهل الكتاب فيما حكى عنهم بقوله فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ اى الاجل والزمان الذي بينهم وبين أنبيائهم او الأعمار والآمال وغلبهم الجفاء والقسوة وزالت عنهم الروعة التي كانت تأتيهم من التوراة والإنجيل إذا تلوهما وسمعوهما فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فهى كالحجارة او أشد قسوة والقسوة غلظ القلب وانما تحصل من اتباع الشهوة فان الشهوة والصفوة لا تجتمعان وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ اى خارجون عن حدود دينهم رافضون لما في كتابهم بالكلية لفرط الجفاء والقسوة ففيه اشارة الى ان عدم الخشوع في أول الأمر يفضى الى الفسق في آخر الأمر وكفته اند نتيجه سختئ دل غفلت است ونشأه نرمئ دل توجه بطاعت

صفحة رقم 364

تصرف الملاك والأجير ماله سوى ما عين له من الاجرة منها نفقته وكسوته وماله دخول على حرم سيده وموجره ولا له اطلاع على أسراره ولا تصريف في ملكه الا بقدر ما استؤجر عليه فاذا انقضت مدة إجارته وأخذ أجرته فارق مؤجره واشتغل بأهله وليس له من هذا الوجه حقية ولا نسبة تطلب ممن استأجره الا أن يمن عليه رب المال بأن يبعث خلفه ويجالسه ويخلع عليه فذلك من باب المنة وقد ارتفعت عنه في الآخرة عبودية الاختيار فان تفطنت لهذا نبهك على مقام جليل تعرف منه من اى مقام قالت الأنبياء عليهم السلام مع كونهم عبيدا خلصا لم يملكهم هوى نفوسهم ولا أحد من خلق الله ومع هذا قالوا ان اجرى الا على الله وذلك لان قولهم هذا راجع الى تحققهم بدخولهم تحت حكم الأسماء الالهية بخلاف غيرهم ومن هناك وقعت الاجارة فهم في حال الاضطرار والاختيار عبيد للذات وهم لها ملك فان الأسماء الالهية تطلبهم لنظهر آثارها فيهم وهم مخيرون في الدخول تحت اى اسم الهى شاؤا وقد علمت الأسماء الالهية ذلك فعينت لهم الأجور وكل اسم يناديهم ادخلوا تحت أمرى وانا أعطيكم كذا وكذا فلا يزال أحدهم في خدمة ذلك الاسم حتى يناديه السيد من حيث عبودية الذات فيترك كل اسم الهى ويقوم لدعوة سيده فاذا فعل ما أمر به حينئذ رجع الى اى اسم شاء ولهذا يتنفل الإنسان ويتعبد بما شاء حتى يسمع اقامة الصلاة المفروضة فيؤمر بها ويترك النافلة فهو دائما مع سيده بحكم عبودية الاضطرار كذا في كتاب الجواهر للامام الشعراني قدس سره وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ الموصوفون بالصفات القبيحة أَصْحابُ الْجَحِيمِ بحيث لا يفارقونها ابدا وفيه دليل على ان الخلود فى النار مخصوص بالكفار من حيث ان التركيب يشعر بالاختصاص والصحبة تدل على الملازمة عرفا وأراد بالكفر الكفر بالله فهو في مقابلة الايمان بالله وبتكذيب الآيات تكذيب ما بأيدى الرسل من الآيات الالهية وتكذيبها تكذيبهم فهو في مقابلة الايمان والتصديق بالرسل وفيه وصف لهم بالوصفين القبيحين اللذين هما الكفر والتكذيب وفيه اشارة الى أن الذين كفروا بذاتنا وكذبوا بصفاتنا الكبرى كفرا صريحا بينا قلبا وسرا وروحا أولئك اصحاب جحيم البعد والطرد واللعن المخصوص بالخلود وعبر عن الصفات بالآيات لان الكتب الالهية صفات الله تعالى وايضا الأنبياء عليهم السلام صفات الله من حيث انهم مظاهر أسمائه الحسنى وصفاته العليا وقس عليهم سائر المجالى والمرائى لكنهم متفاوتون فى الظهور بالكمال وإذا كان تكذيب الأنبياء وآياتهم مما يوجب الوعيد فكذا تكذيب الأولياء وآياتهم فان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين والمراد بآيات الأولياء الكرامات العلمية والكونية فالذين من معاصريهم وغير معاصريهم صدقوهم أولئك اصحاب النعيم والذين كذبوهم أولئك اصحاب الجحيم وهذه الآيات وأصحابها لا تنقطع الى قيام الساعة فان باب الولاية مفتوح نسأل الله سبحانه أن يتولانا بعميم افضاله بحرمة بالنبي وآله اعْلَمُوا بدانيد اى طالبان دنيا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لفظ الحياة زائد والمضاف مضمر اى امور الدنيا ويجوز أن تجعل الحياة الدنيا مجازا عن أمورها بعلاقة

صفحة رقم 369

اللزوم وفي كشف الاسرار الحياة القربى في الدار الاولى وبالفارسية زندكانئ اين سراى وماصلة فان المقصود الحياة في هذه الدار فكل ما قبل الموت دنيا وكل ما تأخر عنه اخرى لَعِبٌ اى عمل باطل تتعبون فيه أنفسكم اتعاب اللاعب بلا فائدة

دلى كز نور معنى نيست روشن مخوانش دل كه آن سنكست وآهن
بازيچهـ ايست طفل فريب اين متاع دهر بي عقل مردمانكه بد ومبتلا شوند
وَلَهْوٌ تلهون به أنفسكم وتشغلونها عما يهمكم من اعمال الآخرة وَزِينَةٌ من الملابس والمراكب والمنازل الحسنة تزينون بها وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ بالأنساب والاحساب تتفاخرون بها والفخر المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه ويعبر عن كل نفيس بالفاخر كما في المفردات وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ بالعدد والعدد يعنى ومباهاتست بكثرت اموال وأولاد لا سيما التطاول بها على اولياء الله وبدانيد كه در اندك زمانى آن بازي برطرف شود ولهو وفرح بغم وترح مبدل گردد وريشها از همه فرو ريزد وتفاخر وتكاثر چون شراره آتش نابود شود وقيل لعب كلعب الصبيان وزينة كزينة النسوان وتفاخر كتفاخر الاقران وتكاثر كتكاثر الدهقان قال على لعمار رضى
الله عنهما لا تحزن على الدنيا فان الدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومشموم ومركوب ومنكوح فأكبر طعامها العسل وهو ريقة ذبابة واكبر شرابها الماء ويستوى فيه جميع الحيوان واكبر الملبوس الديباج وهو نسج دودة واكبر المشموم المسك وهو دم ظبية واكبر المركوب الفرس وعليها يقتل الرجال واكبر المنكوح النساء وهو مبال فى مبال وفي الحديث (مالى وللدنيا انما مثلى ومثل الدنيا كمثل راكب قام في ظل شجرة فى يوم صائف تم راح وتركها)
جهان اى پسر ملك جاويد نيست ز دنيا وفادار اميد نيست
كَمَثَلِ غَيْثٍ محل الكاف النصب على الحالية من الضمير في لعب لان فيه معنى الوصف اى تثبت لها هذه الأوصاف مشبهة غيثا او خبر مبتدأ محذوف اى هى كمثل او خبر بعد خبر للحياة الدنيا والغيث مطر محتاج اليه بغيث الناس من الجدب عند قلة المياه فهو مخصوص بالمطر النافع بخلاف المطر فانه عام أَعْجَبَ الْكُفَّارَ اى الحراث قال الأزهري العرب تقول للزراع كافر لانه يكفر اى يستر بذره بتراب الأرض والكفر في اللغة التغطية ولهذا يسمى الكافر كافرا لانه يغطى الحق بالباطل والكفر القبر لسترها الناس وفي الحديث (اهل الكفور اهل القبور) والليل كافر لستره الاشخاص نَباتُهُ اى النبات الحاصل منه والمراد الكافرون بالله لانهم أشد إعجابا بزينة الدنيا ولان المؤمن إذا رأى معجبا انتقل فكره الى قدرة صانعه فأعجب بها والكافر لا يتخطى فكره عما احسن به فيستغرق فيه إعجابا وقد منع في بعض المواضع عن اظهار الزينة صونا لقلوب الضعفاء كما في الأعراس ونحوها ثُمَّ يَهِيجُ اى يجف بعد خضرته ونضارته بآفة سماوية او ارضية يقال هاج النبت يهيج هيجا وهيجانا وهياجا بالكسر يبس والهائجة ارض يبس بقلها او اصفر وأهاجه أيبسه وأهيجها وجدها هائجة للنبات فَتَراهُ مُصْفَرًّا بعد ما رأيته ناضرا مونقا وانما لم يقل فيصفر

صفحة رقم 370

إيذانا بأن اصفراره مقارن لجفافه وانما المرتب عليه رؤيته كذلك ثُمَّ يَكُونُ پس كردد بعد از زردى حُطاماً درهم شكسته وكوفته وريزه ريزه شده قال في القاموس الحطم الكسر او خاص باليابس فالآية تحقير لامور الدنيا اعنى مالا يتوصل به الى الفوز الآجل ومنه المثل وببيان انها امور خيالية اى باطلة لا حقيقة لها وعن على رضى الله عنه الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا قليلة النفع سريعة الزوال لا يركن إليها العقلاء فضلا عن الاطمئنان بها وتمثيل لحالها في سرعة تقضيها وقلة نفعها بحال النبات المذكور زينة الحياة الدنيا هى زينة الله الا انها تختلف بالقصد وهى محبوبة بالطبع فاذا تحرك العبد إليها بطبعه كانت زينة الحياة الدنيا فذم بذلك وان كانت غير محرمة شرعا وإذا تحرك إليها بأمر من ربه كانت زينة الله وحمد بها وذلك لان أمر الله وكل ما يرجع اليه جد كله والحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر وفخر الإنسان على مثله انما هو من جهله بحقيقته فهذا سبب الذم قال بعض الكبار الشهوات سبع وهى ما ذكر في قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث وقد أنزلها الله الى خمس في هذه الآية وهى اعلموا انما الحياة الدنيا إلخ ثم أنزل هذه الخمس الى أمرين في آية اخرى كما قال في سورة محمد انما الحياة الدنيا لعب ولهو ثم جعل هذين الامرين امرا واحدا في قوله تعالى فأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فالهوى جامع لانواع الشهوات فمن تخلص من الهوى من كل قيد وبرزخ بلغ مسالك الوصول الى المطلب الا على والمقصد الأقصى وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ لمن أقبل عليها ولم يطلب بها الآخرة وقدم ذكر العذاب لانه من نتائج الانهماك فيما فصل من احوال الحياة الدنيا وَمَغْفِرَةٌ عظيمة كائنة مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ كثير لا يقادر قدره لمن أعرض عنها وقصد بها الآخرة بل الله تعالى فان الدنيا والآخرة حرامان على اهل الله

اى طالب دنيا تو بسى مغرورى وى مائل عقبى تو يكى مزدورى
وى آنكه ز ميل هر دو عالم دورى تو طالب نور بلكه عين نورى
وفيه اشارة الى فضل النية الحسنة وانها تحيل المباح ونحوه طاعة قال بعض الكبار من استقامت سريرته وصلحت نيته أدرك جميع ما تمناه من الأعمال الصالحة وفي الخبر من نام على طهارة وفي عزمه انه يقوم من الليل فأخذ الله بنفسه الى الصباح كتب الله له قيام ليله وورد مثل ذلك فيمن خرج لجهاد او حج وتأمل الطباخ والخباز يقوم من الليل يهيئ الطعام والخبز للآكلين وهم نائمون وهو طالب للربح ناسيا حاجة الناس ولو كان ذا بصيرة لفعلى ذلك بقصد مصالح العباد وجعل ربحه ونفعه بحكم البيع والحاصل ان اهل الكسب سواء كانوا من اهل السوق او من غيرهم ينبغى أن تكون نيتهم السعى في مصالح العباد والتقوى بكسبهم على طاعة الله حتى يكونوا مأجورين في ذلك ومن استرقه الكون بحكم مشروع كالسعى فى مصالح العباد والشكر لاحد من المخلوقين من جهة نعمة أسداها اليه فهو لم يبرح عن عبوديته لله تعالى لانه في أداء واجب أوجبه الحق عليه وتعبد العبد لمخلوق عن أمر الله لا يقدح في العبودية بخلاف

صفحة رقم 371

من استرقه الكون لغرض نفسى ليس للحق فيه رائحة امر فان ذلك يقدح في عبوديته لله ويجب عليه الرجوع الى الحق تعالى قال بعض الكبار من ذم الدنيا فقد عق امه لان جميع الانكاد والشرور التي ينسبها الناس الى الدنيا ليس هو فعلها وانما هو فعل أولادها لان الشر فعل المكلف لافمل الدنيا فهى مطية العبد عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر فهى تحب أن لا يشقى أحد من أولادها لانها كثيرة الحنو عليهم وتخاف أن تأخذهم الضرة الاخرى على غير أهبة مع كونها ما ولدتهم ولا تعبت في تربيتهم فمن عقوق أولادها كونهم ينسبون جميع افعال الخير الى الآخرة ويقولون اعمال الآخرة والحال انهم ما عملوا تلك الأعمال الا في الدنيا فللدنيا أجر المصيبة التي في أولادها ومن أولادها فمن أنصف من ذمها بل هو جاهل بحق امه ومن كان كذلك فهو بحق الآخرة أجهل وفي الحديث (إذا قال العبد لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لربه) وقال بعضهم طلب الثواب على الأعمال بحسن النيات والرغبة فيه لا يختص بالعامة بل لا يتحاشى عنه الكمل لعلمهم ان الله تعالى أنشأهم على امور طبيعية وروحانية فهم يطلبون ثواب ما وعد الله به ويرغبون فيه اثباتا للحكم الا لهى فان المكابرة بالربوبية غير جائزة فهم مشاركون للعامة في طلب الرغبة ويتميزون في الباعث على ذلك فكان طلب العارفين ذلك لاعطاء كل ذى حق حقه ليخرجوا عن ظلم أنفسهم إذا وفوها حقها فمن لم يوف نفسه حقها فقد نزل عن درجة الكمال وكان غاشا لنفسه وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ اى كالمتاع الذي يتخذ من نحو الزجاج والخزف مما يسرع فناؤه يميل اليه الطبع أول ما رآه فاذا أخذه وأراد أن ينتفع به ينكسر ويفنى (حكى) انه حمل الى بعض الملوك قدح فيروزج مرصعا بالجواهر لم يرله نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر فهو مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل أن يحمل إليك في أمن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا ثم كونها متاع الغرور والخدعة انما هو لمن اطمأن بها ولم يجعلها ذريعة الى الآخرة واما من اشتغل فيها بطلب الآخرة فهى له متاع بلاغ الى ما هو خير منها وهى الجنة فالدنيا غير مقصودة لذاتها بل لأجر الآخرة وفي الحديث نعم المال الصالح للرجل الصالح (وفي المثنوى)

مال راكذ بهر حق باشى حمول نعم مال صالح كفتش رسول
فما شغل العبد عن الآخرة فهو من الدنيا ومالا فهو من الآخرة قال بعض الكبار ورد خطاب الهى يقول فيه خلقت الخلق لينظروا الى مفاتيح الدنيا ومحاسن الناس فيؤديهم النظر فى مفاتيح الدنيا الى الزهد فيها ويؤديهم النظر في محاسن الناس الى حسن الظن بهم فعكسوا القضية فنظروا الى محاسن الدنيا فرغبوا فيها ونظروا الى مساوى الناس فاغتابوهم (حكى) ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع
الكرماني رحمه الله خرج للصيد وهو ملك كرمان فأمعن فى الطلب حتى وقع في برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما

صفحة رقم 372
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية