وَقَوله تَعَالَى: ﴿اعلموا أَنما الْحَيَاة الدُّنْيَا لعب وَلَهو وزينة﴾ أَي: هِيَ مَا يلْعَب بِهِ ويلهي ويتزين بِهِ. وَالْمرَاد بِهِ: كل مَا أُرِيد بِهِ غير الله، أَو كل مَا شغل عَن الدّين. وَيُقَال: لعب وَلَهو: أكل وَشرب. وَيُقَال: اللّعب الْأَوْلَاد، وَاللَّهْو النِّسَاء.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وتفاخر بَيْنكُم﴾ أَي: تفاخر من بَعْضكُم على بعض.
وَقَوله: ﴿وتكاثر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ أَي: تطاول بِكَثْرَة الْأَوْلَاد وَالْأَمْوَال. وَالْفرق بَين التفاخر وَالتَّكَاثُر: أَن التفاخر قد يكون مِمَّن لَهُ ولد وَمَال مَعَ من لَا ولد لَهُ
﴿عَذَاب شَدِيد ومغفرة من الله ورضوان وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور (٢٠) سابقوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا كعرض السَّمَاء وَالْأَرْض أعدت للَّذين آمنُوا بِاللَّه﴾ وَلَا مَال، وَأما التكاثر لَا يكون إِلَّا مِمَّن لَهُ ولد وَمَال مَعَ من لَهُ ولد وَمَال.
وَقد ورد فِي بعض الْأَخْبَار أَن النَّبِي قَالَ: " من طلب الدُّنْيَا تعففا عَن السُّؤَال، وصيانة للْوَلَد والعيال، جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر، وَمن طلبَهَا تفاخرا وتكاثرا ورياء للنَّاس، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " أَو لفظ هَذَا مَعْنَاهُ.
وَقَوله: ﴿كَمثل غيث أعجب الْكفَّار نَبَاته﴾ أَي: الزراع، وَذَلِكَ حِين ينْبت وَيحسن فِي أعين النَّاس.
وَقَوله: ﴿ثمَّ يهيج فتراه مصفرا﴾ أَي: ييبس ويجف.
وَقَوله: ﴿مصفرا﴾ أَي: أصفر يَابسا.
وَقَوله: ﴿ثمَّ يكون حطاما﴾ أَي: يتكسر ويتهشم. وَقيل: يكون نبتا لَا قَمح فِيهِ.
وَقَوله: ﴿وَفِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد﴾ يَعْنِي: لمن آثر الدُّنْيَا على الْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿ومغفرة من الله ورضوان﴾ يَعْنِي لمن آثر الْآخِرَة على الدُّنْيَا.
قَالَ قَتَادَة: رَجَعَ الْأَمر إِلَى هَذِه الْكَلِمَات الثَّلَاث ﴿وَفِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد ومغفرة من الله ورضوان وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور﴾ ومتاع الْغرُور قد بَينا من قبل، وَهُوَ كل مَا لَا أصل لَهُ، أَو كل مَا لَا بَقَاء عَلَيْهِ.