آيات من القرآن الكريم

نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ
ﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ

كرز شير ديوتن را پرورى در فطام او بسى نعمت خورى
أَفَرَأَيْتُمُ خبر نماييد الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ عذابا فراتا وتخصيص هذا الوصف بالذكر مع كثرة منافعه لان الشرب أهم المقاصد المنوطة به أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ اى من السحاب واحده مزنة وقيل هو السحاب الأبيض وماؤه أعذب أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ له بقدرتنا والرؤية ان كانت بمعنى العلم فمعلقة بالاستفهام وان كانت بمعنى الابصار او المعرفة فالجملة الاستفهامية استئناف وهذا هو اختيار الرضى لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ملحا زعاقا لا يمكن شربه وحذف اللام فى الشرطية الاولى للفرق بين المطعوم والمشروب في الاهمية وصعوبة الفقد يعنى ان امر المطعوم هاهنا مع إثباتها مقدم على امر المشروب وان الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل ان المشروب انما يحتاج اليه تبعا للمطعوم فَلَوْلا تَشْكُرُونَ فهلا تشكرون ما ذكر جميعا من المطعوم والمشروب بتوحيد منعمه وإطاعة امره او فلولا تشكرون على ان جعلناه عذاب وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا تنزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربيله فتغربله فليس من قطرة تقطر الا معها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة إلا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان فانه نزل بغير كيل ولا وزن وقال بعض الحكماء ان المطر يأخذه قوس الله من البحر الى السحاب ثم ينزل من السحاب الى الأرض قال بعضهم هو أدخل فى القدرة لان ماء البحر مر فيصعد ملحا وينزل عذبا وفي الآية اشارة الى ان بعض بلاد العرب ليس لها آبار ولا انهار جارية فلا يشرب أهلها الا من المطر في المصانع فمنها القدس الشريف وينبع وجدة المحروسة ونحوها وللماء العذب مزيد فضل في هذه البلاد ولذا امتن الله به على العباد وفيها اشارة الى ماء معرفة والعلم الإلهي فانه ليس بالكسب والاجتهاد بل بمحض عطاء الله تعالى ولو شاء الله لجهل الماء العذب الجاري من مشرب الكشف والشهود ماء ملحا جاريا من مشرب الحجاب والاحتجاب والجهالة والضلالة فلابد من الشكر على نعم المعارف والحقائق والحكم واعلم ان من حفر بئرا فاما أن يصل الى الماء اولا فان وصل فاما أن يكون ذلك الماء مالحا او عذبا فعلى تقدير كونه عذبا ليس كالمطر الحاصل بلا اسباب فانه طيب طاهر خالص فهذا مثل علم علماء الرسوم ومثل علم علماء الحقيقة فان الأنبياء والأولياء ملهمون من عند الله تعالى ولا خطأ في لوحى والإلهام أصلا ولذا نقول ان علم الصوفية هو العلم الصواب كله فعلمهم تذكرى ليس لهم احتياج الى ترتيب المقدمات بخلاف علماء الرسوم فان علمهم تفكرى هتاج الى ذلك ولا بد لطالب الفيض من تهيئة المحل قبل وروده ألا ترى الى صاحب الحرث فانه يشتغل بتهيئة الأرض وإلقاء البذر ولا يدرى من ينزل المطر فاذا نزل أصاب محزه ثم اعلم ان الروح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأة بما يناسبه فعند تمام الخلقة في الرحم ينفخ الله تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره لكن عبر عنه بالنفخ لان العقل قاصر عن دركه وكان عليه السلام يكشف رأسه عند نزول المطر ويقول حديث عهد بربه فالروح اى روح كان سبب للحياة مطلقا

صفحة رقم 334

فينبغى تلقى التجليات الواردة من قبل الحق بهيئة المحل كما ان النبي عليه السلام كشف رأسه وهيأ محل نزول المطر وذلك لان المطر ينزل من العلو فيلقى على أعلى شيء في الإنسان وهو الرأس أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ الإيراء آتش از آتش زنه بيرون كردن اى تقدحونها وتستخرجونها من الزناد والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر ويسمون الأعلى الزند والأسفل الزندة شبهوهما بالفحل والطروقة يقال ناقة طروقة اى بلغت أن يضربها الفحل لان الطرق الضرب أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي منها الزناد وهى المرخ والعفار كما مر في صورة يس أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ لها بقدرتنا نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً استئناف مبين لمنافعها اى جعلنا نار الزناد تذكير النار جهنم من حيث عقلنا بها اسباب المعاش لينظروا إليها ويذكروا ما أوعدوا به من نار جهنم او تذكرة وموعظة وأنموذجا من جهنم لما روى عن النبي عليه السلام (ناركم هذه التي يوقدها بنوا آدم جزؤ من سبعين جزأ من حر جهنم) وقيل تبصرة في امر البعث فانه ليس أبدع من إخراج النار من الشيء الرطب وفي عين المعاني وهو حجة على منكرى عذاب القبر حيث تضمن النار مالا يحرق ظاهره وَمَتاعاً ومنفعة وبلغة لان حمل النار يشق لِلْمُقْوِينَ للذين ينزلون القواء بالفتح وهو القفر الخالي عن الماء والكلاء والعمارة وهم المسافرون وتخصيصهم بذلك لانهم أحوج إليها ليهرب منها السباع ويسطلوا من البرد ويجففوا ثيابهم ويصلحوا طعامهم فان المقيمين او النازلين بقرب منهم ليسوا بمضطرين الى الاقتداح بالزناد وتأخير هذه المنفعة للتنبيه على ان الأهم هو النفع الأخروي يقال أقوى الرجل إذا نزل في الأرض القواء كأصحر إذا دخل فى الصحراء وفي الحديث (قال النبي عليه السلام لجبريل مالى أر ميكائيل ضاحكا قط قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار) وعن انس رضى الله عنه يرفعه ان أدنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه في رأسه وفيه بيان شدة نار جهنم وانها ليست كنار الدنيا وقانا الله وإياكم منها وفي الآية اشارة الى نار المحبة المشتعلة الموقدة بمقدح الطلب فى حراقة قلب المحب الصادق في سلوك طريق الحق وشجرتها هى العناية الالهية السر مدية يدل هذا التأويل قول العارف أبى الحسين المنصور قدس سره حين سئل عن حقيقة المحبة هى العناية الالهية السر مدية لولاها ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان نحن جعلناها تذكرة لأرباب النفوس البشرية ليهتدوا بنورها الى سلوك طريق الحق ومتاعا للمقوين اى غذآء لأرواح المحبين الطاوين أياما وليالى عن الطعام والشراب كما حكى عن سهل التستري رحمه الله انه كان يطوى ثلاثين يوما وعن أبى عقيل المغربي قدس سره انه ما أكل سنتين وهو مجاور بمكة وعن كثير من المرتاضين السالكين وانما رفع إدريس عليه السلام الى السماء الرابعة لمبالغته في التجريد والترويح حتى ان الروحانية غلبت عليه فخلع يدنه وخالط الملائكة واتصل بروحانية الا فلاك وترقى الى عالم القدس وقد اقامه ستة عشر عاما لم ينم ولم يطعم شيأ ولم يتزوج قط لزوال الشهوة بالكلية حتى صار عقلا مجردا من كثرة الرياضة ورفع الى أعلا الامكنة وهو المكان الذي يدور عليه رحى عالم الافلاك وهو فلك الشمس ثم

صفحة رقم 335
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية