آيات من القرآن الكريم

إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا
ﮎﮏﮐﮑ

وقال قتادة: خفضت أقوامًا في عذاب الله، ورفعت أقوامًا في كرامة الله (١)، والمعنى أنها تخفض أقوامًا إلى أسفل سافلين في النار، وترفع آخرين إلى أعلى عليين في الجنة، وقال أهل المعاني: تخفض بالمعصية وترفع بالطاعة (٢)، وقال ابن عطاء: خفضت قومًا بالعدل ورفعت قومًا بالفضل (٣).
٤ - قوله: ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا﴾ الوجه أن تجعل إذا مضمنًا بالذكر كما قلنا في ﴿إِذَا وَقَعَتِ﴾ وقال الجرجاني: إذا ظرف لقوله: ﴿وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ لأنه وقت لها، أي أن الواقعة تقع إذا رجت الأرض رجًا، قال: وفي هذا دليل على أن تأويل قوله: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ ستقع الواقعة إذا رجت (٤)، ونحو هذا قال أبو إسحاق: موضع إذا نصب المعنى: إذا وقعت في ذلك الوقت ومعنى (رُجَّتِ) حركت حركة شديدة (٥) يقال: رججته فارتج، والسهم يرتج في الغرض (٦)، قال قتادة ومقاتل: زلزلت زلزالاً (٧).
وقال الكلبي وجماعة المفسرين: ترج كما يرج الصبي في المهد حتى يتهدم كل بناء عليها وينكسر كل ما عليها من الجبال (٨)، فذلك قوله تعالى:
٥ - ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا﴾ ذكر أهل المعاني واللغة فيه قولين:

(١) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٦٩، و"جامع البيان" ٢٧/ ٩٦.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠٧.
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٥٠ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٩٥.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ١٤٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٩٦.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٠٨.
(٦) الرَّجُّ: التحريك؛ والرجرجة: الاضطراب. والرَّجُّ: تحريكك شيئًا كحائط إذا حركته "اللسان" ١/ ١١٢٥ (رَجج).
(٧) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٦٩، و"تفسير مقاتل" ١٣٧ أ.
(٨) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٣٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٧٩، و"زاد الميسر" ٨/ ١٣١.

صفحة رقم 213

أحدهما: أن معنى: (بُسَّتِ) خلطت فصارت كالدقيق المبسوس، وهو الملتوت بشيء من الماء، هذا قول أبي عبيدة، والفراء، وأنشدا (١):
لا تخبزا خبزًا وبسا بسَّا
أي: اخلطا الدقيق بالماء فكلاه، والمعنى على هذا أن الجبال تصير ترابًا تخلي بعضها ببعض.
القول الثاني: أن معنى البس الفت، روى عمرو عن أبيه: بس الشيء إذا فتته حتى يصير فتاتًا (٢).
وذكر أبو إسحاق في البس قولاً آخر وهو السوق والطرد، ومعنى (بُسَّتِ) سيقت، وأنشد (٣):
وانبس حيَّاتُ الكثيب الأهيل
قال اللحياني (٤): يقال بُسَّهم عنك، أي: اطردهم، وانبس الرجل إذا ذهب، وانبست الحيات إذا جرت على الأرض (٥)، وأقوال المفسرين غير خارجة عن هذه الأقسام.

(١) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٤٧ - ٢٤٨، و"معاني القرآن" ٣/ ١٢١، والبيت من الرجز، قيل إنه للص من غطفان. وتمامه:
ولا تطيلا بمناخ حبسا
وانظر: "اللسان" ١/ ٢١٢ (بسس)، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٩٦، وفي تمامه اختلاف. وذكره الأزهري عن الأصمعي حيث قال: وسمعت العرب تنشد.. ، انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ٣١٦ (بس).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ٣١٥، و"اللسان" ١/ ٢١٢ (بسس).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٠٨، والبيت في "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠٨. و"اللسان" ١/ ٢١٢ (بسس)، ومعناه أن الحيات تذهب وتنساب على وجه الأرض.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ٣١٦ (بس).
(٥) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ٩٧، و"تفسير مجاهد" ٢/ ٦٤٥، و"تفسير مقاتل" ١٣٧ ب.

صفحة رقم 214
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية