
قوله تعالى ﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾ فيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : الصيحة، قاله الضحاك.
الثاني : الساعة وقعت بحق فلم تكذب، قاله السدي.
الثالث : أنها القيامة، قاله ابن عباس، والحسن.
وسميت الواقعة لكثرة ما يقع فيها من الشدائد.
﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذَِبَةٌ ﴾ فيها أربعة أوجه :
أحدها : ليس لها مردود، قاله ابن عباس.
الثاني : لا رجعة فيها ولا مشورة، قاله قتادة.
الثالث : ليس لها مكذب من مؤمن ولا من كافر، قاله ابن كامل.
الرابع : ليس الخبر عن وقوعها كذباً.
﴿ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : تخفض رجالاً كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالاً كانوا في الدنيا مخفوضين، قاله محمد بن كعب.
الثاني : خفضت أعداء الله في النار، ورفعت أولياء الله في الجنة، قاله عمر بن الخطاب.
الثالث : خفضت الصوت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى، قاله عكرمة.
ويحتمل رابعاً : أنها خفضت بالنفخة الأولى من أماتت، ورفعت بالنفخة الثانية من أحيت.
﴿ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجّاً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : رجفت وزلزلت، قاله ابن عباس، قاله رؤبة بن العجاج :
أليس يوم سمي الخروجا | أعظم يوم رجه رجوجاً |
أحدها : سالت سيلاً، قاله مجاهد.
الثاني : هدت هداً، قاله عكرمة،
الثالث : سيرت سيراً، قاله محمد بن كعب، ومنه قول الأغلب العجلي :
نحن بسسنا بأثر أطاراً | أضاء خمساً ثمت سارا |
الخامس : إنها بست كما يبس السويق أي بلت، البسيسة هي الدقيق يلت ويتخذ زاداً، قال لص من غطفان :
لا تخبزا خبزاً وبسا بسا | ولا تطيلا بمناخ حبسا |
أحدها : أنه رهج الغبار يسطع ثم يذهب، فجعل الله أعمالهم كذلك، قاله علي.
الثاني : أنها شعاع الشمس الذي من الكوة، قاله مجاهد.
الثالث : أنه الهباء الذي يطير من النار إذا اضطربت، فإذا وقع لم يكن شيئاً، قاله ابن عباس.
الرابع : أنه ما يبس من ورق الشجر تذروه الريح، قاله قتادة.
وفي المنبث ثلاثة أوجه :
أحدها : المتفرق، قاله السدي.
الثاني : المنتشر.
الثالث : المنثور.
﴿ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً ﴾ يعني أصنافاً ثلاثة، قال عمر بن الخطاب : اثنان في الجنة وواحد في النار.
وفيهما وجهان :
أحدهما : ما قاله ابن عباس أنها التي في سورة الملائكة :﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾.
الثاني : ما رواه النعمان بن بشير أن النبي ﷺ قال : صفحة رقم 218

« وكنتم أزوجاً ثلاثة » الآية.
ويحتمل جعلهم أزواجاً وجهين :
أحدهما : أن ذلك الصنف منهم مستكثر ومقصر، فصار زوجاً.
الثاني : أن في كل صنف منهم رجالاً ونساء، فكان زوجاً.
﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾ فيهم خمسة تأويلات :
أحدها : أن أصحاب الميمنة الذين أخذوا من شق آدم الأيمن، وأصحاب المشأمة الذين أخذوا من شق آدم الأيسر، قاله زيد بن أسلم.
الثاني : أن أصحاب الميمنة من أوتي كتابه بيمينه، وأصحاب المشأمة من أوتي كتابه بيساره، قاله محمد بن كعب.
الثالث : أن أصحاب الميمنة هم أهل الحسنات، وأصحاب المشأمة هم أهل السيئات، قاله ابن جريج.
الرابع : أن أصحاب الميمنة الميامين على أنفسهم، وأصحاب المشأمة المشائيم على أنفسهم، قاله الحسن.
الخامس : أن أصحاب الميمنة أهل الجنة، وأصحاب المشأمة أهل النار، قاله السدي.
وقوله :﴿ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴾ لتكثير ما لهم من العقاب.
﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلِئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ فيهم خمسة أقاويل :
أحدها : أنهم الأنبياء، قاله محمد بن كعب.
الثاني : أنهم الاسبقون إلى الإيمان من كل أمة، قاله الحسن، وقتادة.
الثالث : أنهم الذين صلوا إلى القبلتين، قاله ابن سيرين.
الرابع : هم أول الناس رواحاً إلى المساجد وأسرعهم خفوفاً في سبيل الله، قاله عثمان بن أبي سوادة.
الخامس : أنهم أربعة : منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية، وسابقان من أمة محمد ﷺ وهما : أبو بكر وعمر، قاله ابن عباس.
ويحتمل سادساً : أنهم الذي أسلموا بمكة قبل هجرة النبي ﷺ وبالمدينة قبل هجرته إليهم لأنهم سبقوا بالإسلام قبل زمان الرغبة والرهبة.
وفي تكرار قوله تعالى :﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾ قولان :
أحدهما : السابقون في الدنيا إلى الإيمان، السابقون في الآخرة إلى الجنة هم المقربون، قاله الكلبي.
الثاني : يحتمل أنهم المؤمنون بالأنبياء في زمانهم، وسابقوهم بالايمان هم المقربون المقدمون منهم.