آيات من القرآن الكريم

وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ
ﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬ ﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋ ﮍﮎ

أخبرني الحسين، حدّثنا علي بن إبراهيم بن موسى الموصلي، حدّثنا محمد بن مخلد العطار، محمد بن إسماعيل، حدّثنا وكيع، حدّثنا شعبة ومسعر عن سعد بن إبراهيم عن عروة بن الزبير قال: كان يقال «١» : تقدموا تقدموا.
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن ماجة، حدّثنا ابن أيوب، حدّثنا القطواني، حدّثنا سيار، حدّثنا جعفر حدّثني عوف حدّثني رجل من أهل الكوفة قال: بلغني أنه إذا خرج رجل من السابقين المقربين من مسكنه في الجنة كان له ضوء يعرفه من دونه فيقول: هذا ضوء رجل من السابقين المقربين.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ١٣ الى ٢٩]
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧)
بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢)
كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦) وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧)
فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)
ثُلَّةٌ جماعة مِنَ الْأَوَّلِينَ أي الأمم الماضية وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مرمولة منسوجة مشبكة بالذهب والجواهر، قد اتّصل بعضها في بعض، كما توضن حلق الدرع [......] «٢» بعضها في بعض مضاعفة.
ومنه قول الأعشى:

ومن نسج داود موضونة تساق مع الحيّ عيرا فعيرا «٣»
وقال أيضا:
وبيضاء كالنهي موضونة لها قونس فوق جيب البدن «٤»
ومنه وضين الناقة وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا كحلق الدرع.
قال الكلبي: طول كل سرير ثلاثمائة ذراع، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها ارتفعت.
وقال الضحاك: مَوْضُونَةٍ مصفوفة، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. يقال:
آجر موضون إذا صفّ بعضها على بعض.
(١) كذا في المخطوط والصواب: يقول.
(٢) بياض في المخطوط. [.....]
(٣) لسان العرب: ١٣/ ٤٥٠.
(٤) تفسير القرطبي: ٨/ ٣٨٠.

صفحة رقم 203

مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ في الزيارة لا ينظر بعضهم في قفا بعض يَطُوفُ عَلَيْهِمْ للخدمة وِلْدانٌ غلمان مُخَلَّدُونَ أي لا يموتون عن مجاهد، وقال الكلبي: لا يهرمون ولا يكبرون ولا ينقصون ولا يتغيرون، وليس كخدم الدنيا يتغيرون من حال إلى حال.
ابن كيسان: يعني [ولدانا مخلدين] «١» لا يتحولون من حالة إلى حالة، عكرمة: منعمون.
سعيد بن جبير: مقرّطون.
قال المؤرّخ: ويقال للقرط الخلد.
قال الشاعر:

ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أفاوز الكثبان «٢»
وقال علي والحسن: «هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها، لأن الجنة لا ولادة فيها» «٣».
وفي الحديث: «أطفال الكفار خدم أهل الجنة» «٤».
بِأَكْوابٍ جمع كوب وَأَبارِيقَ جمع إبريق، سمي بذلك لبريق لونه وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ خمر جارية لا يُصَدَّعُونَ عَنْها لا تصدّع رؤوسهم عن شربها وَلا يُنْزِفُونَ وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ يختارون ويشتهون.
أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حبش، حدّثنا ذكّار، حدّثنا هناد، حدّثنا أبو معونة عن عبيد الله بن الوليد عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة، فيجيء فيقع على صحيفة الرجل من أهل الجنة ثم ينتفض، فيخرج من كل ريشة لون أبيض من الثلج والبرد وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه لون يشبه صاحبه ثم يطير فيذهب» [١٨٥] «٥».
وَحُورٌ عِينٌ قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي والمفضل بكسر الواو والنون أي وبحور عين، أتبعوا الآخر الأول في الا عراب على اللفظ وإن اختلفا في المعنى، لأن الحور لا يطاف بهنّ، كقول الشاعر:
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا «٦»
(١) في المخطوط: مخلدين ولدانا.
(٢) لسان العرب: ٣/ ١٦٤.
(٣) كنز العمال: ١٤/ ٤٩٨ ح ٣٩٤١٢ وفيه عن الحسن بن علي.
(٤) المصدر السابق وفيه: هم خدم أهل الجنة.
(٥) كنز العمال: ١٤/ ٤٦٢- ٤٦٣، والدر المنثور: ٦/ ١٥٦.
(٦) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٢٩.

صفحة رقم 204

والعين لا تزجج وإنما تكحل.
وقال الآخر: متقلدا سيفا ورمحا، ومثله كثير.
وقرأ إبراهيم النخعي واشهب العقيلي: (وحورا عينا) بالنصب، وكذلك هو في مصحف أبيّ، على معنى: ويزوّجون حورا عينا. وقال الأخفش: رفع بخبر الصفة، أي لهم حور عين.
وقيل: هو ابتداء وخبره فيما بعده.
أخبرنا الحسين، حدّثنا محمد بن الحسن بن صقلاب، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن بشير ابن يوسف بن النضر، حدّثنا بكر بن سهل الدمياطي، حدّثنا عمرو بن هاشم، حدّثنا سليمان بن أبي كرعة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجل حُورٌ عِينٌ؟ قال: «حور بيض عين ضخام العيون» [١٨٦] «١».
أخبرنا ابن فنجويه، حدّثنا ابن صقلاب، حدّثنا أبو بكر بن أبي الخصيب حدّثني محمد بن غالب حدّثنا الحرث بن خليفة، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلق الحور العين من الزعفران» [١٨٧] «٢».
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن يودة، حدّثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزاز، حدّثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، حدّثنا خالد بن يزيد، عن أبي مالك، عن أبيه عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من عبد يدخل الجنة إلّا وهو يزوّج ثنتين وسبعين زوجة، ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار، وليس منهن امرأة إلّا ولها قبل شهيّ وله ذكر لا ينثني» [١٨٨] «٣».
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا أحمد بن محمد بن علي، حدّثنا عثمان بن نصر البغدادي، حدّثنا محمد بن مهاجر أبو حنيف، حدّثنا حلبس بن محمد الكلابي، حدّثنا سفيان الثوري، عن منصور أو المغيرة، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يسطع نور في الجنة فقالوا: ما هذا؟ قالوا: ضوء ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها» [١٨٩] «٤».
وروي أن الحوراء إن مشت سمع تقديس الخلاخيل من ساقيها وتمجيد الأسورة من ساعديها، وإن عقد الياقوت يضحك من نحرها، وفي رجليها نعلان من ذهب شراكها من لؤلؤ تصرّان بالتسبيح.

(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٣١٢، والمعجم الأوسط ٣/ ٢٧٨ بتفاوت.
(٢) المعجم الأوسط: ١/ ٩٥، وتفسير الطبري: ٢٧/ ٢٣١.
(٣) سنن ابن ماجة: ٢/ ١٤٥٢ ح ٤٣٣٧.
(٤) تاريخ بغداد: ١١/ ١٦٣.

صفحة رقم 205

وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول: اخطب زوجة [لا تسلبها] منك المنايا، وأعرس بها في دار لا يخربها دوران البلايا وشبّك لها حجلة لا تحرقها نيران الرزايا.
وقال مجاهد: سميت حورا لأنه يحار فيهن الطرف.
كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ المخزون في الصدف الذي لم تمسّه الأيدي جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً في نصبهما وجهان:
أحدهما: إتباع للقيل.
والثاني: على «١» (يسمعون سلاما)، ثم رجع إلى ذكر منازل أصحاب الميمنة فقال وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ لا شوك فيه، كأنه خضّد شوكها أي قطع ونزع.
ومنه
الحديث في المدينة: «لا يخضد شوكها ولا يعصر شجرها»
«٢» وهذا قول ابن عباس وعكرمة وقسامة بن زهير.
وقال الحسن: لا تعقر الأيدي. قتادة: هو الذي لا يرد اليد منها شوك ولا بعد.
وقال الضحّاك ومجاهد ومقاتل بن حيان: هو الموقر حملا.
قال سعيد بن جبير: ثمرها أعظم من الفلال. وقال ابن كيسان: هو الذي لا أذى فيه.
قال: وليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما تكون في الدنيا من الباقلاء وغيره، بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه.
قال أبو العالية والضحّاك: نظر المسلمون إلى وجّ وهو واد مخصب بالطائف، وأعجبهم سدرها.
وقالوا: يا ليت لنا مثل هذا، فأنزل الله عزّ وجل وَطَلْحٍ وموز واحدتها طلحة، عن أكثر المفسرين.
وقال الحسن: ليس هو موزا ولكنه شجر له ظلّ بارد طيب.
وقال الفراء وأبو عبيدة: الطلح عند العرب شجر عظام لها شوك.
قال بعض الحداة:
بشرها دليلها وقالا... غدا ترين الطلح والجبالا

(١) فيكون نصبه بوقوع القيل عليه.
(٢) التبيان في تفسير القرآن: ٩/ ٤٩٦. [.....]

صفحة رقم 206
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية