آيات من القرآن الكريم

خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ
ﮯﮰﮱﯓﯔ

(خلق الإنسان) وهذا تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بواجب شكر النعم، المتعلقة بذات كل واحد من الثقلين، والمراد بالإنسان هنا آدم. قال القرطبي بالاتفاق من أهل التأويل، ولا يبعد أن يراد به الجنس لأن بني آدم مخلوقون في ضمن خلق أبيهم آدم (من صلصال) أي: من طين يابس يسمع له صلصلة أي: صوت إذا نقر أي ليختبر هل فيه عيب أو لا؟ وقيل هو طين خلط برمل وقيل: هو الطين المنتن يقال: صل اللحم وأصل، إذا أنتن، وقد تقدم بيانه في سورة الحجر.
(كالفخار) أي الخزف الذي طبخ بالنار، والمعنى: أنه خلق الإنسان من طين يشبه من يبسه الخزف، فإن قلت: قد اختلفت العبارات في صفة خلق الإنسان الذي هو آدم، فقال تعالى في آل عمران: (من تراب) وقال في الحجر: (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)، وقال في الصافات: (من طين لازب)،

صفحة رقم 320

وزاد الخازن: (من ماء مهين)، وقال: هنا (من صلصال كالفخار)، قلت: ليس فيها اختلاف بل المعنى متفق، وذلك أن الله تعالى خلقه أولاً من تراب ثم جعله طيناً لازباً لما اختلط بالماء، ثم حمأً مسنوناً، وهو الطين الأسود المنتن، فلما يبس صار صلصالاً كالفخار، قال الخطيب: المذكور هنا آخر تخليقه وهو أنسب بالرحمانية وفي غيرها تارة مبدأه، وتارة إثناؤه، فالأرض أمه والماء أبوه ممزوجان بالهواء الحامل للحر، الذي هو من فيح جهنم فمن التراب جسده ونفسه ومن الماء روحه وعقله، ومن النار مطلب غوايته وحدته ومن الهواء حركته وتقلبه في محامده ومذامه.
والغالب في جبلته التراب فلذا نسب إليه وإن كان خلقه من العناصر الأربع كما أن الجان في العناصر الأربع، لكن الغالب في جبلته النار فنسب إليها كما قال تعالى:

صفحة رقم 321
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية