آيات من القرآن الكريم

وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ
ﮥﮦﮧﮨ

ومنه قول اللَّه عزَّ وجلَّ: «فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ» «١»، و «مَنْ» إنَّما تكون للناس، فلما فسَّرهم وقد كانوا اجتمعوا فى قوله: «وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ» «٢» فسرهم بتفسير النَّاس.
وقوله: وَالسَّماءَ رَفَعَها فوق الأرض وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧). فِي الأرض وهو العدل.
وفي قراءة عَبْد اللَّه: وخَفْض الميزان، والخفض والوضع متقاربان فِي المعنى.
وقوله: أَلَّا تَطْغَوْا (٨).
وفي قراءة عَبْد اللَّه: لا تطغوا بغير أن فِي الوزن وأقيموا اللسان.
وقوله: أَلَّا تَطْغَوْا إن شئت جعلتها مجزومة بنية النهي، وإن شئت جعلتها منصوبة بأن، كما قَالَ اللَّه: «إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ» «٣» وأن تكون- (تطغوا) فِي موضع جزم أحبُّ إليَّ لأن بعدها أمرا.
وقوله: وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ (٩).
وقوله: وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠). لجميع الخلق.
وقوله: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢). خفضها الْأَعْمَش، ورفعها النَّاس «٤».
فمن خفض أراد: ذو العصف وذو الريحان، ومن رفع الريحان جعله تابعا لذو. و «٥» العصف، فيما ذكروا: بقل الزرع لان العرب تَقُولُ: خرجنا نعصف الزرع إِذَا قطعوا مِنْهُ شيئًا قبل أن يدرك فذلك العصف، والريحان هُوَ رزقه، والحب هُوَ الَّذِي يؤكل مِنْهُ. والريحان فى كلام العرب:

(١، ٢) سورة النور الآية: ٤٥، و (خالق) قراءة حمزة والكسائي، كما فى الإتحاف: ١٦٩.
(٣) سورة الأنعام الآية: ١٤.
(٤) جاء فى الإتحاف: ٤٠٥- واختلف فى «وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ» : فابن عامر بالنصب فى الثلاثة على إضمار فعل أي أخص، أو خلق أو عطفا على الأرض، وذا صفة الحب. وقرأ حمزة والكسائي وخلف برفع الأولين: أعنى الحب، وذو. وجرّ الريحان عطفا على العصف وافقهم الأعمش، والباقون بالرفع فى الثلاثة عطفا على المرفوع قبله. أي: فيما فاكهة، وفيما الحب، وذو صفة.
(٥) سقط فى ش.

صفحة رقم 113

الرزق، ويقولون: خرجنا نطلب ريحان اللَّه. الرزق عندهم «١»، وقَالَ بعضهم: ذو العصف المأكول من الحب، والريحان: الصحيح الَّذِي «٢» لم يؤكل.
ولو قَرَأَ قارئ: «والحبّ ذا العصف والريحانَ» لكان جائزًا، أي: خَلَقَ ذا وذا، وهي فِي مصاحف أهل الشام: والحبّ ذا «٣» العصف، وَلم نَسْمَع بها قارئا، كما أن فِي بعض مصاحف أهل الكوفة:
«والجار ذا القربى» «٤» [١٨٩/ ا] ولم يقرأ بِهِ أحد، وربما كتب الحرف على جهة واحدة، وهو فِي ذَلِكَ يقرأ بالوجوه.
وبلغني: إن كتاب عليّ بْن أَبِي طَالِب رحمه اللَّه كَانَ مكتوبًا: هَذَا كتاب من عليّ بْن أَبُو طَالِب كتابها: أَبُو. فِي كل الجهات، وهي تعرب فِي الكلام إِذَا قرئت.
وقوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣). وإنما ذكر فِي أول الكلام: الإِنسان ففي ذَلِكَ وجهان:
أحدهما: أن العرب تخاطب الواحد بفعل الاثنين، فيقال: ارحلاها، ازجراها يا غلام.
والوجه الآخر: أن الذِّكر أريد فِي الْإِنْسَان والجان، فجرى لهما من أول السُّورة إلى آخرها.
وقوله: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤).
وهو طين خُلط برمل، فصلصل كما يصلصل الفخار، وَيُقَال: من صلصال منتن يريدون بِهِ: صلّ، فيقال: صلصال كما يُقال: صرّ الباب عند الإغلاق، وصرصر. والعرب تردد اللام فِي التضعيف فيقال:
كركرت الرجلَ يريدون: كررْته وكبكبته، «٥» يريدون: كببته «٦».
وسمعت بعض العرب يَقُولُ: أتيت فلانًا فبشبش بي من البشاشة، وإنما فعلوا ذَلِكَ كراهية اجتماع ثلاثة أحرف من جنس واحد.

(١) فى ب: رزق عندهم.
(٢) سقط فى ش.
(٣) فى ح: والحب ذو. [.....]
(٤) النساء الآية ٣٦.
(٥، ٦) سقط فى ح.

صفحة رقم 114
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية