آيات من القرآن الكريم

ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ
ﭪﭫﭬ

(ذو مرة) أي قوة وشدة في الخلق، وقيل ذو صحة جسم، وسلامة من الآفات.
" ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي " (١) وقيل ذو حصافة عقل ومتانة رأي قال قطرب: العرب تقول لكل من هو جزل الرأي، حصيف العقل: ذو مرة، والتفسير للمرة بهذا أولى، لأن القوة والشدة قد أفادها قوله: شديد القوى، قال الجوهري: المرة إحدى الطبائع الأربع، والمرة القوة وشدة العقل، وقال ابن عباس: ذو
_________
(١) رواه مسلم.

صفحة رقم 245

خلق حسن، وقيل منظر حسن، وقيل: قوة في العقل وحدة، بحيث لا يدفعه عما يزاوله دافع، ولا يسأم من شيء يزاوله، فحصل الفرق بين القوة والمرة، ومن جملة شدته وقوته قدرته على التشكل فلذلك قال:
(فاستوى) أي ارتفع جبريل وعلا إلى مكانه في السماء، بعد أن علم محمداً صلى الله عليه وسلم، قاله سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وقيل: معناه قام في صورته التي خلقه الله عليها، لأنه كان يأتي النبي ﷺ في صورة الآدميين، كما يأتي إلى الأنبياء، فسأله النبي ﷺ أن يريه نفسه التي جبله الله عليها، فأراه نفسه مرتين، مرة في الأرض ومرة في السماء، ولم يره أحد من الأنبياء على صورته التي خلق عليها إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وقيل: المعنى فاستوى القرآن في صدره ﷺ حين نزل عليه، أو صدر جبريل حين نزل به، وقيل: المعنى اعتدل محمد في قوته أو في رسالته، ذكره الماوردي، وقيل: المعنى ارتفع النبي ﷺ بالمعراج، وقال الحسن: فاستوى يعني الله عز وجل على العرش، والأول أولى، وقيل: المعنى فاستوى جبريل عالياً على صورته، ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك رآه عليها حتى سأله إياها على ما ذكرنا.

صفحة رقم 246
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية