
١- بناء الاسمين على أنها عاملة عمل إن في كليهما نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله.
٢- رفعهما على أنها مهملة فما بعدها مبتدأ وخبر نحو: لا لغو فيها ولا تأثيم. وقول الحطيئة:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ | زغب الحواصل لا ماء ولا شجر |
لا خيل عندك تهديها ولا مال | فليسعد النطق إن لم تسعد الحال |
فلا لغو ولا تأثيم فيها | وما فاهوا به أبدا مقيم |
لا نسب اليوم ولا خلة | اتسع الخرق على الراقع |
فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣)
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) صفحة رقم 335

اللغة:
(الكاهن) الذي يذكر أنه يخبر عن الحق عن طريق العزائم، والكهانة صفة الكاهن.
(نَتَرَبَّصُ) التربص الانتظار بالشيء من انقلاب حال له إلى خلافها.
(الْمَنُونِ) المنيّة والموت من منّه إذا قطعه لأن الموت قطوع، وريبها: الحوادث التي تريب عند مجيئها قال:
تربص بها ريب المنون لعلها | سيهلك عنها بعلها أو سيجنح |
(الْمُصَيْطِرُونَ) جمع المسيطر وهو الغالب القاهر من سيطر عليه إذا راقبه وحفظه أو قهره، وحكى أبو عبيدة سيطرت عليّ إذا اتخذتني خولا، ولم يأت في كلام العرب اسم على مفيعل إلا خمسة ألفاظه:
مهيمن ومحيمر ومبيطر ومسيطر ومبيقر فالمحيمر اسم جبل والبواقي أسماء فاعلين، وفي الصحاح: المسيطر والمصيطر المسلط على الشيء صفحة رقم 336

ليشرف عليه ويتعهد أمواله ويكتب عمله وأصله من السطر لأن الكتاب يسطر.
الإعراب:
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) الفاء الفصيحة وذكر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والفاء تعليلية وما نافية حجازية وأنت اسمها وبنعمة ربك يجوز في هذا الجار والمجرور أن يتعلق بما في ما من معنى النفي فتكون الباء للسببية وهذا أرقى الأوجه والمعنى انتفت عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة ربك عليك كما تقول: ما أنا بمعسر بحمد بالله وغناه وقال أبو البقاء إن الباء في موضع نصب على الحال والعامل فيها بكاهن أو مجنون والتقدير ما أنت كاهنا ولا مجنونا حال كونك ملتبسا بنعمة ربك وعلى هذا فهي حال لازمة والباء للملابسة وقيل الباء للقسم ونعمة ربك مقسم به متوسط بين اسم ما وخبرها فتتعلق بفعل محذوف تقديره أقسم والجواب محذوف والتقدير ونعمة ربك ما أنت بكاهن ولا مجنون وهو أضعفها (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) أم منقطعة بمعنى بل وقد ذكرت هنا خمس عشرة مرة وكلها إلزامات ليس للمخاطبين بها جواب عنها، ويقولون فعل مضارع مرفوع وشاعر خبر لمبتدأ محذوف وجملة نتربص به صفة لشاعر وبه متعلقان بنتربص وريب المنون مفعول به (قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) قل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وتربصوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والفاء تعليل للأمر المقصود به التهديد وإن واسمها ومعكم ظرف متعلق بمحذوف حال ومن المتربصين خبر إني وجملة تربصوا مقول القول (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) أم حرف عطف بمعنى بل وقد تقدم القول فيها وتأمرهم

فعل مضارع ومفعول به مقدّم وأحلامهم فاعل وبهذا متعلقان بتأمرهم وأم عاطفة وهم مبتدأ وقوم خبر وطاغون نعت (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) تقوّله فعل ماض ومفعول به والفاعل مستتر تقديره هو (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) الفاء الفصيحة لأنها جواب شرط مقدّر أي فإن قالوا تقوّله أي اختلقه فليأتوا، واللام لام الأمر ويأتوا فعل مضارع مجزوم بلام الأمر والواو فاعل وبحديث متعلقان بيأتوا ومثله صفة لحديث وإن شرطية وكان واسمها وخبرها وجواب إن محذوف دلّ عليه ما قبله أي إن صدقوا في هذا القول فليأتوا (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) عطف على ما تقدم ومن غير شيء متعلقان بخلقوا وأم هم الخالقون مبتدأ وخبر (أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) عطف على ما تقدم (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) الظرف متعلق بمحذوف خبر مقدّم وخزائن مبتدأ مؤخر وهم مبتدأ والمسيطرون خبر (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) لهم خبر مقدّم وسلّم مبتدأ مؤخر وجملة يستمعون نعت لسلّم وفيه متعلقان بيستمعون، فليأت: الفاء الفصيحة لأنها جواب شرط مقدّر تقديره إن ادّعوا ذلك فليأت واللام لام الأمر ويأت فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، ومستمعهم فاعل وبسلطان متعلقان بيأت ومبين صفة.
البلاغة:
١- في قوله «أم تأمرهم أحلامهم بهذا» مجاز عقلي فقد أسند الأمر إلى الأحلام وقد كان العرب يتفاخرون بعقولهم فأزرى الله بها حيث لم تثمر لهم معرفة الحق والباطل، ويجوز اعتبارها استعارة مكنية إن أريد التشبيه، وكل مجاز عقلي يصحّ أن يكون استعارة مكنية ولا عكس.