آيات من القرآن الكريم

أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

٣٧ - قوله تعالى: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ قال مقاتل: يقول أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاءوا (١). ونحو هذا قال عكرمة: يعني النبوة (٢). وهذا كقوله: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾ [الزخرف: ٣٢]، وقال الكلبي: خزائن المطر والرزق (٣).
وقال أهل المعاني: هذا عام في جميع مقدورات الله تعالى، وضرب لها المثل بالخزائن، لأن الخزانة بيت مهيأ لجَمْع (٤) أنواع مختلفة، ومقدوراته كالخزائن التي فيها من كل أجناس المعاني لا نهاية له (٥) يخرج ما شاء بإيجاده إياه. يقول: أعندهم خزائن ربك فقد أمنوا أن يجري الأمور على خلاف ما يحبون.
﴿أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ أي: الأرباب المسلطون، ومصدره التسطير (٦)، ويقال: تسيطرت عليّ، أي: اتخذتني خولا، وعلى هذا قول الليث وأبي عبيدة (٧).
وقال المبرد: المسيطر المتغلب على الشيء، يقال: تسيطرت علينا أي تكلفت أن تقصرنا على ما تحب (٨).

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤١.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٧٤.
(٣) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٨٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٧٤، عن ابن عباس، وكذا في "تنوير المقباس" ٥/ ٢٨٨.
(٤) (ك): الجميع).
(٥) انظر: "تفسير القرطبى" ١٧/ ٧٤، ٧٥، "البحر المحيط" ١/ ١٥٢ عن الرماني.
(٦) (ك): (التسطير).
(٧) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٢٣٣، "تهذيب اللغة" ١٢/ ٣٢٦ (سطر).
(٨) انظر: "اللسان" ٢/ ١٤٣ (سطر)، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٦٦.

صفحة رقم 506

قال أبو علي: وقد جاء على هذا البناء مُبَيْطِر ومُهَيمن ومبيقر (١). والصاد جائز في (المصيطر) (٢).
ذكرنا ذلك في الصراط (٣).
وقال المفسرون في تفسير هذا الحرف: المسلطون الجبارون الأرباب القاهرون. كل هذا ألفاظهم.
قال عطاء عن ابن عباس: المسلطون على عبادي (٤).
وقال مقاتل: أم هم المسلطون على الناس فيجبرونهم على ما شاءوا ويمنعونهم ما شاءوا (٥).
قال الكلبي: أم هم المسلطون على تلك الخزائن ينزلون منها على

(١) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٢.
والبيطرة: معالجة الدواب، والمبيطر: معالج الدواب. والبيقرة: مثية فيها تقارب. "اللسان" ١/ ٢٢٥، ٢٤٢ (بطر)، (بقر).
(٢) قال الفراء: كتابتها بالصاد، والقراءة بالسين والصاد، "معاني القرآن" ٣/ ٩٣، وابن كثير، وحفص، وابن عامر في رواية الحلواني عن هشام، عن عمار، والكسائي في رواية الفراء: قرأوا (المسيطرون) بالسين، وقرأ حمزة بالإشمام، وقرأ الباقون بالصاد.
انظر: "حجة القراء السبعة" ١/ ٤٩، ٦/ ٢٢٨، "حجة القراءات" ٦٨٤، "النشر" ٢/ ٣٧٨، "الإتحاف" ٤٠١
(٣) عند تفسيره لآية (٦) من سورة الفاتحة. والقراءة في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ رويت عن ابن كثير السين والصاد وروي عن أبي عمرو السين والصاد والمضارعة بين الزاي والصاد. رواه عنه العريان بن أبي سفيان، وروى عنه الأصمعي (الزراط) بالزاي. والباقون بالصاد، غير أن حمزة يلفظ بها بين الصاد والزاي. انظر: "الحجة" ١/ ٤٩.
(٤) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٧٥.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ أ.

صفحة رقم 507
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية