آيات من القرآن الكريم

وَفِي أَنْفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ
ﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

وفي الحديث ان الله ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال ابو بكر رضى الله عنه هل في منها يا رسول الله قال كلها فيك يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء (حكى) ان الشيخ الشبلي قدس سره أشار الى أصحابه بالتوكل فلم يفتح عليهم بشيء ثلاثة ايام ثم قال لهم ان الله تعالى قد أباح الكسب بقوله هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه فخرج واحد منهم فأعياه الجوع وجلس عند حانوت طبيب نصرانى فعرف الطبيب جوعه من نبضه فأمر غلامه بالطعام فقال الفقير قد ابتلى بهذه العلة أربعون رجلا فأمر غلامه بحمل الطعام إليهم ومشى خلفه فلما وصل الطعام إليهم قال الشبلي لا ينبغى أن تأكلوا قبل المكافأة بالدعاء فدعوا له فلما سمع الطبيب دعاءهم دخل وأسلم فظهر معنى قوله هل جزاء الإحسان الا الإحسان فجزآء احسان الطبيب النصراني بالطعام الإحسان من عباد الله بالدعاء ومن الله بتوفيق الإسلام وفي الآية اشارة الى ما آتاهم الله من فضله من المقامات والكمالات انه فيها حق للطالبين الصادقين إذا قصدوهم من أطراف العالم في طلبها إذا عرفوا قدرها والمحروم من لم يعرف قدر تلك المقامات والكمالات فما قصدوهم في طلبها فلهم في ذمة كرم هؤلاء الكرام حق التفقد والنصح فان الدين النصيحة فانهم بمنزلة الطبيب والمحروم بمنزلة المريض فعلى الطبيب أن يأتى الى المريض ويرى نبضه ويعرف علته ويعرفه خطره ويأمره بالاحتماء من كل ما يضره ويعالجه بأدوية تنفعه الى أن يزيل مرضه وتظهر صحته كذا في التأويلات النجمية وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ الإيقان بي كمان شدن اى دلائل واضحة على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته من حيث انها مدحوة كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين في أقطارها والسالكين في مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون متفجرة ومعادن متفننة وانها تلقح بألوان النبات وانواع الأشجار وأصناف الثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح وفيها دواب منبثة قد رتب كلها ودبر لمنافع ساكنيها ومصالحهم في صحتهم واعتلالهم وقال الكلبي عظات من آثار من تقدم وفي التأويلات النجمية منها اى من تلك الآيات انها تحمل كل شيء فكذا الموقن العارف يحمل كل حمل من كل أحد ومن استثقل حملا او تبرم برؤية أحد ساقه الله اليه فلغيبته عن الحقيقة ومطالعته الحق بعين التفرقة واهل الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة ومنها انها يلقى عليها قذارة وقمامة فتنبت كل زهر ونور وورد وكذلك العارف يتشرب ما يسقى من الجفاء ولا يترشح إلا بكل خلق على وشيمة زكية ومنها ان ما كان منها سبخا يترك ولا يعمر لانه لا يحتمل العمارة كذلك من الايمان له بهذه الطريقة يهمل فان مقابلته بهذه القصة كألقاء البذر في الأرض السبخة انتهى قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ولا تبذر السمراء في الأرض عميان يعنى بيان الحقائق الذي هو غذآء القلب والروح كالسمرآء يعنى الحنطة للجسم وقوله في الأرض عميان يعنى في ارض استعداد هذه الطوائف الذين لا يبصرون الحق ولا يشاهدونه في جميع الأشياء وفي حقائق البقلى آيات الأرض ظهور تجلى ذاته وصفاته في مرءاة الأكوان كما ظهر من الطور لموسى عليه السلام

صفحة رقم 157

وما ظهر من المصيصة لعيسى عليه السلام وهى بكسر الميم مدينة على ساحل البحر الرومي بجوار طرسوس والسيس وما ظهر لمحمد صلّى الله عليه وسلّم من جبال مكة ألا ترى الى قوله عليه السلام جاء الله من سينا واستعين بساعة وأشرق من جبال فاران اى جبال مكة وفي القاموس فاران جبال مذكورة في التوراة منها بكر ابن القاسم (وفي أنفسكم) اى في أنفسكم آيات إذ ليس في العالم شيء الا وفى الأنفس له نظير يدل دلالته على ما سبق تطبيق العالم الصغير بالكبير في اواخر حم السجدة عند قوله سنريهم آياتنا إلخ مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الافعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة وفي بحر العلوم وفي الأرض دلائل من انواع الحيوان والأشجار والجبال والأنهار وفي أنفسكم آيات لهم من عجائب الصنع الدالة على كمال الحكمة والقدرة والتدبير والارادة فيكون تخصيصا بعد تعميم لان أنفس الناس مما في الأرض كأنه قيل في الأرض آيات للموحدين العاقلين وفي أنفسكم خصوصا آيات لهم لان أقرب المنظور فيه من كل عاقل نفسه ومن ولد منها وما في بواطنها وظواهرها من الدلائل الواضحة على الصانع وفي نقلها من هيئة وحال الى حال من وقت الميلاد الى وقت الوفاة قال بعضهم
ففى كل شىّ له آية... تدل على انه واحد
وذلك لان كل شيء بجسمه واحد وكذا بروحه ولا عبرة بكثرة الاجزاء والأعضاء وما من عدد الا ويصح وصفه بالوحدة فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة على ان كل جسم فهو منتهى الى الجزء الذي لا يتجزى وهو النقطة وكل الف فهو اما مركب من نقاط ثلاث او خمس او سبع وقس عليه سائر التركيبات الحروفية والفعلية وفي التأويلات النجمية يشير الى ان نفس الإنسان مرءاة جميع صفات الحق ولهذا قال عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فلا يعرف أحد نفسه الا بعد كمالها وكمالها في أن تصير مرءاة تامة مصقولة قابلة لتجلى صفات الحق لها فيعرف نفسه بالمرءاتية ويعرف ربه بالمتجلى فيها كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق
جهان مرآت حسن شاهد ماست... فشاهد وجهه في كل ذرات
أَفَلا تُبْصِرُونَ اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة حتى تعتبروا وتستدلوا الصنعة على الصانع وبالنقش على النقاش وكذا على صفاته (قال الكاشفى) استفهام بمعنى امرست يعنى بنظر عبرت در نكريد وعلامات كمال صنع در ذات خود مشاهده كنيد در حقايق سلمى مذكور است كه هر كه اين آيتها در نفس خود بيند ودر صفحه وجود آثار قدرت مطالعه ننمايد حظ خود را ضايع كرده باشد واز زندكانى هيچ بهره نيابد
نظرى بسوى خود كن كه تو جان دلربايى... مفكن بخاك خود را كه تو از بلند جايى
تو ز چشم خود نهانى تو كمال خود چهـ دانى... چودر از صدف برون آكه تو بس گران بهايى
قال الواسطي تعرف الى قوم بصفاته وأفعاله وهو قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون وتعرف

صفحة رقم 158
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية