آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ

فقه الحياة أو الأحكام:
هذا تهديد لكفار قريش وأمثالهم بأحوال الأمم السابقة، وقد تكرر ذلك في القرآن مرارا، لتأكيد العبرة والعظة، فإن من كذب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم استحق مثل عقاب الأمم الذين كذبوا رسلهم، فهو تذكير بأنباء من قبلهم من المكذبين، وتخويف بما أصابهم من العذاب الأليم في الدنيا.
وفيه أيضا تسلية للنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى لا يضيق صدره بتكذيب قومه له، وكفرهم برسالته. وفي الآيات إشارة إلى أن الرسل جميعا جاؤوا بالتوحيد وبإثبات البعث.
ثم وبّخ اللَّه تعالى منكري البعث، وأجاب عن قولهم: ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ بأنه هل عجز اللَّه عن ابتداء الخلق حتى يعجز عن إعادته؟ وهذا دليل من الأنفس مضاف إلى الأدلة السابقة من الآفاق على صحة البعث وإمكانه عقلا وعادة، فالذي لم يعجز عن الخلق الأول، كيف يعجز عن الإعادة؟! والحقيقة أنهم في حيرة من البعث والحشر، منهم المصدّق، ومنهم المكذّب، وليس تكذيب المكذبين إلا كفرا وعنادا.
تقرير خلق الإنسان وعلم اللَّه بأحواله
[سورة ق (٥٠) : الآيات ١٦ الى ٢٢]
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨) وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)
وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)

صفحة رقم 291

الإعراب:
وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ نَعْلَمُ: في محل حال، أي نحن نعلم. وما: اسم موصول بمعنى الذي، وتُوَسْوِسُ: صلته، وبِهِ: في موضع نصب متعلق بصلة الموصول، وهاء بِهِ تعود على ما.
إِذْ يَتَلَقَّى إِذْ: ظرف، منصوب باذكر مقدرا.
عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ قَعِيدٌ: إما خبر عن الأول أو عن الثاني، فإن كان عن الأول فأخّر اتساعا، وحذف من الثاني لدلالة الأول عليه، وإن كان عن الثاني، فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه. أو هو خبر عن الاثنين، ولا حذف في الكلام، في قول الفراء.
مَعَها سائِقٌ سائِقٌ: إما مبتدأ، وخبره مَعَها والجملة في موضع جر، لأنها صفة ل نَفْسٍ أو مرفوع بالظرف.
البلاغة:
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ استعارة تمثيلية، مثّل اللَّه تعالى علمه بأحوال العبد بحبل الوريد القريب من القلب، للدلالة على القرب بطريق الاستعارة.
عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ حذف بالإيجاز، أصله عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه. وبين الْيَمِينِ والشِّمالِ طباق.
وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ استعارة تصريحية، استعار لفظ السكرة لهول الموت وشدته.
الْوَرِيدِ، قَعِيدٌ، عَتِيدٌ، تَحِيدُ، الْوَعِيدِ، شَهِيدٌ، حَدِيدٌ توافق فواصل وسجع غير متكلف.
المفردات اللغوية:
تُوَسْوِسُ تحدث، من الوسوسة: الصوت الخفي، ومنها وسواس الحلي والمراد: ما يخطر بالبال أو حديث النفس حَبْلِ الْوَرِيدِ العرق في صفحة العنق، ولكل إنسان وريدان، والإضافة للبيان إِذْ أي اذكر حين يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ يأخذ ويثبت الملكان الموكلان بالإنسان ما يعمله قَعِيدٌ مقاعد، كجليس بمعنى مجالس.
رَقِيبٌ ملك يرقب قوله وعمله ويكتبه ويحفظه عَتِيدٌ حاضر مهيأ لكتابة الخير

صفحة رقم 292

والشر، فملك اليمين يكتب الخير، وهو أمير على كاتب السيئات، وملك الشمال يكتب الشر سَكْرَةُ الْمَوْتِ شدته التي تذهب بالعقل بِالْحَقِّ بحقيقة الأمر ذلِكَ الموت ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ تهرب وتفزع وتميل عنه، والخطاب للإنسان.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ أي نفخة البعث ذلِكَ النفخ يَوْمُ الْوَعِيدِ أي يوم إنجاز الوعيد وتحققه للكفار بالعذاب وَجاءَتْ فيه كُلُّ نَفْسٍ إلى المحشر سائِقٌ وَشَهِيدٌ ملكان أحدهما يسوقها إلى أمر اللَّه، والآخر يشهد على النفس بعملها.
لَقَدْ كُنْتَ في الدنيا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا الذي ينزل بك غِطاءَكَ الغطاء الحاجب لأمور المعاد، وهو الغفلة والانهماك في ملذات الدنيا فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ حادّ نافذ تدرك به ما أنكرته في الدنيا.
المناسبة:
بعد أن أقام اللَّه تعالى الأدلة الساطعة على إمكان البعث في الآفاق والأنفس، شرع في تقرير خلق الإنسان الدال على شمول علم اللَّه تعالى، وعظيم قدرته على بدئه وإعادته. ثم أخبر عن انكشاف الحقيقة بالموت، وإتيان ملكين بكل نفس يوم القيامة للسوق إلى المحشر والشهادة عليها، ورفع حجاب الغفلة عن كل إنسان، وإدراكه أحوال المعاد والحشر.
التفسير والبيان:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أي تالله لقد أوجدنا الإنسان (وهو اسم جنس) ونعلم بجميع أموره، حتى ما يختلج في سره وقلبه وضميره من الخير والشر، ونحن أقرب إليه من حبل وريده، فكيف يخفى علينا شيء مما في قلبه، فقوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ معناه أن اللَّه تعالى لا يحجب عنه شيء، وقال ابن كثير: يعني ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده.
فهذا إخبار من اللَّه تعالى بأنه خلق الإنسان، وأن علمه محيط بجميع أموره،

صفحة رقم 293

حتى ما يجول في خاطره، وحتى حديث النفس، وأنه لا يخفى عليه شيء من أحواله. لكن لا عقاب على حديث النفس،
لقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم في الصحيح: «إن اللَّه تعالى تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها، ما لم تتكلم به أو تعمل به» «١».
والآية لإقامة الحجج على الكفار في إنكارهم البعث.
ثم ذكر سبحانه أنه مع علمه بما في قلب ابن آدم وكّل به ملكين يكتبان ويحفظان عليه عمله، إلزاما للحجة، فقال:
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ أي ونحن أقرب من الإنسان من كل قريب حين يتلقى الملكان الحفيظان ما يتلفظ به وما يعمل به، فيأخذان ذلك ويثبتانه، عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، والقعيد: من يقعد معك. فملك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئات.
جاء في الحديث عن أبي أمامة: «كاتب الحسنات على يمين الرجل، وكاتب السيئات على يسار الرجل، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات، لعله يسبّح أو يستغفر». «٢».
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ أي ما يتكلم ابن آدم من كلمة إلا ولها من يرقبها، وهو حاضر معدّ لذلك، يكتبها، لا يترك كلمة

(١) أخرجه أصحاب الكتب الستة (البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه) عن أبي هريرة، وأخرجه الطبراني عن عمران بن حصين رضي اللَّه عنه.
(٢) ذكره الزمخشري والقرطبي والبيضاوي، وروى ابن أبي حاتم عن الأحنف بن قيس مثل ذلك، فقال: صاحب اليمين يكتب الخير، وهو أمين على صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له: أمسك، فإن استغفر اللَّه تعالى نهاه أن يكتبها، وإن أبى كتبها.

صفحة رقم 294

ولا حركة، كما قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ [الانفطار ٨٢/ ١٠- ١٢]. والرقيب: المتبع للأمور، والحافظ لها، والعتيد: الحاضر الذي لا يغيب والمهيأ للحفظ والشهادة.
وظاهر الآية أن الملك يكتب كل شيء من الكلام، وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب. يؤيد الأول
الحديث الحسن الصحيح: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان اللَّه تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب اللَّه عزّ وجلّ له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب اللَّه تعالى عليه بها سخطه إلى يوم القيامة» «١»
فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث. قال الحسن البصري وقتادة: يكتبان جميع الكلام، فيثبت اللَّه تعالى من ذلك الحسنات والسيئات، ويمحو غير ذلك.
وقال الحسن البصري، وتلا هذه الآية: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ: يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكّل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك، فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا متّ، طويت صحيفتك، وجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً، اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ثم يقول: عدل، واللَّه، فيك من جعلك حسيب نفسك.
وبعد بيان إنكارهم للبعث والردّ عليهم بإخبارهم عن قدرته وعلمه، أخبرهم

(١) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وله شاهد في الصحيح.

صفحة رقم 295

اللَّه تعالى عن ملاقاة صدق ذلك حين الموت وحين القيامة، وعن قرب القيامتين: الصغرى والكبرى، فقال عن الأولى:
وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ أي يا أيها الإنسان، جاءت شدة الموت وغمرته التي تغشي الإنسان، وتغلب على عقله ببيان اليقين الذي يتضح له الحق، ويظهر له صدق ما جاءت به الرسل من الأخبار بالبعث والوعد والوعيد، والذي كنت تمتري فيه، ذلك الموت أو ذلك الحق الذي كنت تميل عنه وتفرّ منه. والخطاب للإنسان على طريق الالتفات في قوله:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إذا فسر ب: ذلك الموت، والخطاب للفاجر إذا فسر ب: ذلك الحق.
والباء في بِالْحَقِّ للتعدية، أي أحضرت السكرة حقيقة الأمر وجلية الحال، من تحقق وقوع الموت، أو من سعادة الميت أو ضدها، كما نطق بها الكتاب والسّنة.
جاء في الحديث الصحيح عن عائشة عن النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: أنه لما تغشاه الموت، جعل يمسح العرق عن وجهه، ويقول: «سبحان اللَّه، إن للموت لسكرات».
ثم قال اللَّه تعالى مخبرا عن القيامة الكبرى:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ أي ونفخ في الصور نفخة البعث، ذلك الوقت الذي يكون عظيم الأهوال هو يوم الوعيد الذي أوعد اللَّه به الكفار بالعذاب في الآخرة.
جاء في الحديث الثابت: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «كيف أنعم، وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته، وانتظر أن يؤذن له؟ قالوا:
يا رسول اللَّه، كيف نقول؟ قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: قولوا: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل، فقال القوم: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل»
.

صفحة رقم 296

وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ أي وأتت كل نفس من نفوس البشر، بالبدن والروح، معها ملك يسوقها إلى المحشر، وملك يشهد عليها أو لها بالأعمال من خير أو شرّ.
ويقال للإنسان حينئذ:
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا، فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أي يقال للكافر أو لكل أحد من برّ وفاجر: لقد كنت في الدنيا غافلا عن هذا المصير وهذا اليوم، فرفعنا عنك الحجاب الذي كان لديك، والذي كان بينك وبين أمور الآخرة، فبصرك اليوم قوي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في حياتك، لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا مصيره، ومدركا ما أنكره في الدنيا.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- إن خلق اللَّه تعالى الإنسان، وعلمه بكل ما يصدر منه حتى حديث النفس، دليل على قدرته تعالى على البعث، وإعادة الناس أحياء يوم القيامة.
٢- إن علم اللَّه بالإنسان وغيره شامل، لا يخفى عليه شيء، ولا يحجب عنه شيء، وقد مثّل تعالى قربه من الإنسان بأنه أقرب إليه من حبل الوريد، وهو مجاز يراد به قرب علمه منه، وشمول معلومه عنه، وليس المراد قرب المسافة.
قال القشيري في آية: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ: في هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وأنس وسكون قلب لقوم.
٣- إن اللَّه تعالى أعلم بأحوال الإنسان من غير وساطة ملك، فهو لا يحتاج إلى ملك يخبر، ولكن توكيل ملكي اليمين والشمال بكل إنسان للإلزام بالحجة، وتوكيد الأمر عليه.

صفحة رقم 297

٤- يحصي الملكان كل شيء من أقوال الإنسان وأعماله، فما يتكلم بشيء إلا كتب عليه، وما يفعل من شيء إلا دوّن عليه، قال أبو الجوزاء ومجاهد: يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه.
٥- ما دام الإنسان حيا تكتب عليه أقواله وأفعاله ليحاسب عليها، ثم يجيئه الموت ويدرك الحق: وهو ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان اللَّه تعالى وعده وأوعده، ويقال لمن جاءته سكرة الموت: ذلك ما كنت تفر منه وتهرب.
٦- إذا نفخ في الصور النفخة الآخرة للبعث، فذلك اليوم الذي وعده اللَّه للكفار أن يعذبهم فيه.
٧- يصحب كل إنسان يوم القيامة ملكان: سائق يسوقه إلى المحشر، وشاهد يشهد له وعليه بأعماله. قال أبو حيان: والظاهر أن قوله: سائِقٌ وَشَهِيدٌ اسما جنس، فالسائق ملائكة موكلون بذلك، والشهيد: الحفظة وكل من يشهد.
٨- يقال للإنسان البر والفاجر يوم القيامة: لقد كنت أيها الإنسان في غفلة من عواقب الأمور، فاليوم تتيقظ وتبصر ما لم تكن تبصره من الحقائق، وما لم تكن تصدّق به في الدنيا، وتتغافل عن النظر فيه، كالإيمان بالله وحده لا شريك له، والتصديق برسوله، وبالبعث والحشر والحساب.

صفحة رقم 298
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية