آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ

وَقَوْلُهُ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَعْنِي بِذَلِكَ مُوَالَاتِهِمْ لِلْكَافِرِينَ، وَتَرْكَهُمْ مُوَالَاةَ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي أَعَقَبَتْهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَسْخَطَتِ اللَّهَ عَلَيْهِمْ سُخْطًا مُسْتَمِرًّا إِلَى يَوْمِ مَعَادِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وفسر بذلك ما ذمهم به، ثم أخبر عنهم أَنَّهُمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هشام بن عمار، حدثنا مسلم بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ، قَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِيَّاكُمْ وَالزِّنَا، فَإِنَّ فِيهِ ست خصال: ثلاثا في الدنيا، وثلاثا فِي الْآخِرَةِ، فَأَمَّا الَّتِي فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الْبَهَاءَ، وَيُورِثُ الْفَقْرَ، وَيُنْقِصُ الْعُمُرَ، وَأَمَّا الَّتِي فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ سَخَطَ الرَّبِّ، وَسُوءَ الْحِسَابِ، وَالْخُلُودَ فِي النَّارِ»، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ من طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ مَسْلَمَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ، وَسَاقَهُ أَيْضًا من طريق سعيد بن غفير عَنْ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَاللَّهُ أعلم.
وقوله تَعَالَى: وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ أَيْ لَوْ آمنوا حق الإيمان بالله والرسول والقرآن لَمَا ارْتَكَبُوا مَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ مُوَالَاةِ الْكَافِرِينَ فِي الْبَاطِنِ، وَمُعَادَاةِ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ أَيْ خَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، مُخَالِفُونَ لِآيَاتِ وحيه وتنزيله.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٨٢ الى ٨٦]
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَما لَنا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦)
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ حِينَ تَلَا عَلَيْهِمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْحَبَشَةِ الْقُرْآنَ، بَكَوْا حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ «١»، وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، وَقِصَّةُ جَعْفَرٍ مَعَ النَّجَاشِيِّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمَا: نَزَلَتْ فِي وَفْدٍ بَعَثَهُمُ النَّجَاشِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَيَرَوْا صِفَاتِهِ، فلما رأوه وقرأ عليهم الْقُرْآنَ أَسْلَمُوا وَبَكَوْا وَخَشَعُوا، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النجاشي فأخبروه. قال السدي:

(١) الأثر في الطبري ٥/ ٤.

صفحة رقم 149

فهاجر النجاشي فمات بالطريق «١». وَهَذَا مِنْ إِفْرَادِ السُّدِّيِّ، فَإِنَّ النَّجَاشِيَّ مَاتَ وَهُوَ مَلِكُ الْحَبَشَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ، وَأَخْبَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.
ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي عِدَّةِ هَذَا الْوَفْدِ، فَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ: سَبْعَةُ قَسَاوِسَةٍ وَخَمْسَةُ رَهَابِينَ. وَقِيلَ:
بِالْعَكْسِ. وَقِيلَ: خَمْسُونَ. وَقِيلَ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ. وَقِيلَ: سَبْعُونَ رَجُلًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَبَشَةِ أَسْلَمُوا حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ قَوْمٌ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَلَمَّا رَأَوُا الْمُسْلِمِينَ، وَسَمِعُوا الْقُرْآنَ أَسْلَمُوا وَلَمْ يَتَلَعْثَمُوا، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أن هذه الآيات نَزَلَتْ فِي صِفَةِ أَقْوَامٍ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، سَوَاءٌ كانوا مِنَ الْحَبَشَةِ أَوْ غَيْرِهَا «٢».
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا مَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ كُفْرِ الْيَهُودِ كفر عِنَادٌ وَجُحُودٌ وَمُبَاهَتَةٌ لِلْحَقِّ وَغَمْطٌ لِلنَّاسِ وَتَنَقُّصٌ بِحَمَلَةِ الْعِلْمِ، وَلِهَذَا قَتَلُوا كَثِيرًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم غير مرة، وسموه وَسَحَرُوهُ، وَأَلَّبُوا عَلَيْهِ أَشْبَاهَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قال الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَبِيبٍ الرقي، حدثنا علي بن سعيد الْعَلَّافِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا خَلَا يهودي بمسلم قط إِلَّا هَمَّ بِقَتْلِهِ»، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بن أحمد بن إسحاق العسكري، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ أَيُّوبَ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ العوام عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا خَلَا يَهُودِيٌّ بمسلم إلا حدث نَفْسُهُ بِقَتْلِهِ»، وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.
وَقَوْلُهُ تعالى: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَيِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ نَصَارَى مِنْ أَتْبَاعِ الْمَسِيحِ وَعَلَى مِنْهَاجِ إِنْجِيلِهِ فِيهِمْ مَوَدَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ إِذْ كَانُوا عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ مِنَ الرِّقَّةِ وَالرَّأْفَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً وَفِي كِتَابِهِمْ: مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ الْأَيْمَنِ فَأَدِرْ لَهُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ. وَلَيْسَ الْقِتَالُ مَشْرُوعًا فِي مِلَّتِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ أَيْ يُوجَدُ فِيهِمُ الْقِسِّيسُونَ وَهُمْ خُطَبَاؤُهُمْ وَعُلَمَاؤُهُمْ، وَاحِدُهُمْ قِسِّيسٌ وَقَسٌّ أَيْضًا، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى قُسُوسٍ، وَالرُّهْبَانُ جَمْعُ رَاهِبٍ، وَهُوَ الْعَابِدُ، مُشْتَقٌّ مِنَ الرهبة، وهي الخوف، كراكب وركبان، وفرسان.

(١) الأثر في الطبري ٥/ ٤ والدر المنثور ٢/ ٥٣٨.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٦.

صفحة رقم 150

قال ابْنُ جَرِيرٍ «١» : وَقَدْ يَكُونُ الرُّهْبَانُ وَاحِدًا وَجَمْعُهُ رَهَابِينُ، مِثْلُ قُرْبَانٍ وَقَرَابِينَ، وجُرْدَانٍ «٢» وَجَرَادِينَ، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى رَهَابِنَةٍ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ يكون عند العرب واحدا قول الشاعر: [الرجز]
لو عاينت رهبان دير في القلل... لا نحدر الرُّهْبَانُ يَمْشِي وَنَزَلْ «٣»
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ الدَّهَّانُ عَنْ جاثمة بْنِ رِئَابٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَلْمَانَ عَنْ قَوْلِ الله تعالى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً فَقَالَ: دَعِ الْقِسِّيسِينَ فِي الْبَيْعِ وَالْخَرِبِ، أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينِ وَرُهْبَانًا»، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طريق يحيى بن عبد الحميد الخاني عن نضير بْنِ زِيَادٍ الطَّائِيِّ، عَنْ صَلْتٍ الدِّهَانِ، عَنْ جاثمة بْنِ رِئَابٍ، عَنْ سَلْمَانَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عبد الحميد الخاني، حدثنا نضير بْنُ زِيَادٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا صَلْتٌ الدَّهَّانُ عَنْ جاثمة بْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ وَسُئِلَ عَنْ قوله ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً فقال هُمُ الرُّهْبَانُ الَّذِينَ هُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالْخَرَبِ فَدَعَوْهُمْ فِيهَا، قَالَ سَلْمَانُ: وَقَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ فَأَقْرَأَنِي «ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَانًا» فَقَوْلُهُ ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَضَمَّنَ وَصْفَهُمْ بِأَنَّ فِيهِمُ الْعِلْمَ وَالْعِبَادَةَ وَالتَّوَاضُعَ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِالِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ وَالْإِنْصَافِ، فَقَالَ وَإِذا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ أَيْ مِمَّا عِنْدَهُمْ مِنَ الْبِشَارَةِ بِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ أَيْ مَعَ مَنْ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ هَذَا وَيُؤْمِنُ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بن الزبير قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي النَّجَاشِيِّ وَفِي أَصْحَابِهِ وَإِذا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ أَيْ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وأمته هم الشاهدون، يشهدون لنبيهم صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَلِلرُّسُلِ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا، ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ:
صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

(١) تفسير الطبري ٥/ ٥.
(٢) الجردان: الغضيب من ذوات الحافر، أو هو عام.
(٣) ويروى: «لو كلمت... يسعى». والرجز بلا نسبة في لسان العرب (رهب) وتهذيب اللغة ٦/ ٢٩٠ وتاج العروس (رهب) وتفسير الطبري ٥/ ٥.

صفحة رقم 151
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية