آيات من القرآن الكريم

وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ۚ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

وقوله تعالى:
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ مَا يَعْمَلُونَ (٦٦)
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ يعني: اليهود والنصارى، آمَنُوا يعني: صدّقوا بتوحيد الله تعالى وبمحمد ﷺ والقرآن وَاتَّقَوْا الشرك والمعاصي، لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ يعني:
غفرنا ذنوبهم، وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ في الآخرة.
ثم قال: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ يعني: أقرّوا بما فيهما، وبيّنوا ما كتموا، وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ يعني: بما أنزل إليهم من ربهم، يعني: عملوا بما أنزل إليهم من ربهم في كتابهم ويقال: القرآن. لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ يعني: يرزقهم الله تعالى المطر من فوقهم، في الوقت الذي ينفعهم، وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ يعني: النبات من الأرض، وقال الزجاج: هذا على وجه التوسعة. يقال: فلان خيره من فوقه إلى قدمه، يعني: لو أنهم فعلوا ما أمروا لأعطاهم الله الخير مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أرجلهم، يعني: صاروا في الخير في الدنيا والآخرة.
وروي أبو موسى الأشعري عن رسول الله ﷺ أنه قال: أيما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه، وآمن بمحمد ﷺ فله أجران.
ثم قال: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ يعني عصبة وجماعة عادلة، وهم مؤمنو أهل الكتاب، من أهل التوراة والإنجيل وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ مَا يَعْمَلُونَ الذين لم يصدقوا ولم يؤمنوا.
قوله تعالى:
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٧ الى ٦٨]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٦٧) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَّا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨)
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وذلك أن اليهود قالوا للنبي ﷺ حين دعاهم إلى الإسلام فجعلوا يستهزئون به ويقولون: إنك تريد أن نتخذك حنانا كما اتخذت النصارى عيسى- عليه السلام-، فلما رأى ذلك سكت عنهم. فأمره الله أن يدعوهم ولا يمنعه

صفحة رقم 405

عن ذلك تكذيبهم إياه فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني: من القرآن وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ إن لم تبلغ جميع ما أنزل إليك فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ يعني: كأنك لم تبلغ شيئاً من رسالته، لأنه أمر بتبليغ جميع الرسالة. فإذا ترك البعض صار بمنزلة التارك للكل. كما أن من جحد آية من كتاب الله تعالى صار جاحداً للجميع، ويقال: وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ يعني: فما بلغت المبلغ الذي تكون رسولاً وروى «سمرة بن جندب»، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ فَإنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي قَدْ قَصَّرْتُ عَنْ شَيْءٍ مَنْ تَبْلِيغِ رِسَالاتِ رَبِّي فَأَخْبِرُونِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّي كَمَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُبَلَّغَ» فقام الناس، فقالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك. وروى مسروق عن عائشة قالت: من حَدّثك أن محمدا ﷺ كتم شيئاً من الوحي، فقد كذب. ثم قرأت يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية.
ثم قال: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ يعني: اليهود ويقال: كيد الكفار. وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يحرسه أصحابه بالليل، حتى نزلت هذه الآية فخرج إليهم وقال: «لا تَحْرُسُونِي فَإنَّ الله قَدْ عَصَمَنِي من الناس».
ثم قال: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ يعني: لا يرشدهم إلى دينه، ويقال: لما نزلت هذه الآية قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «لا أُبَالِي مَنْ خَذَلَنِي مِنَ اليَهُودِ وَمَنْ نَصَرَنِي» قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر. فما بلغت رسالاته بلفظ الجماعة. وقرأ الباقون: رِسالَتَهُ بلفظ الواحد يغني عن الجماعة. ثم علّمه كيف يبلغ الرسالة فقال: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ من الدين ولا ثواب لأعمالكم حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ يعني: تعملوا بما في التوراة، والإنجيل وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ يعني: حتى تقروا بما أنزل على نبيكم ﷺ من القرآن، وتعملوا به.
ثم قال: وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَّا أُنْزِلَ إِلَيْكَ من القرآن مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً يعني: تمادياً بالمعصية، وكفراً بالقرآن. يعني: إنما عليك تبليغ الرسالة والموعظة، فإن لم ينفعهم ذلك فليس عليك شيء. فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ يعني: لا تحزن عليهم إن كذبوك.
وروى محمد بن إسحاق بإسناده عن ابن عباس أنه قال: جاء رافع بن حارثة، وسلام بن مشكم، ومالك بن الضيف، وقالوا: يا محمد: ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه؟
وتؤمن بما عندنا من التوراة؟ وتشهد أنها من الله حق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَلَى ولكنكم أَحْدَثْتُمْ، وَجَحَدْتُمْ ما فِيهَا مِمَّا أُخِذَ عَلَيْكُمْ مِنَ المِيثَاقِ، وَكَتَمْتُمْ مِنْهَا مَا أُمِرْتُمْ أَنْ تُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ فَبَرِئْتُ مِنْ إحْدَاثِكُمْ». فقالوا: فإنّا قد آمنا بما في أيدينا، وإنا على الهدى والحق، ولا نؤمن بك، فنزل يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ.

صفحة رقم 406
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية