آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

فلا تكدره بآثامك) (وغناك قبل فقرك) يعنى إذا كنت راضيا بما اعطاك الله من القوت فاغتنم ذلك ولا تطمع فيما فى أيدي الناس (وحياتك قبل مماتك) لان الرجل مادام حيا يقدر على العمل فاذا مات انقطع عمله ولهذا تتمنى الموتى ان يعودوا الى الدنيا فيتهللوا مرة او يصلوا ركعة فالفرصة غنيمة والعمر قليل: قال الحافظ

بگذشتن فرصت اى برادر در كرم روى چوميغ باشد
درياب كه عمر بس عزيزست كر فوت شود دريغ باشد
وقال السيد الشريف لابنه
نصيحت همينست جان پدر كه عمرت عزيزست ضايع مكن
فينبغى للعاقل ان لا يضيع أيامه: قال الحكيم: بكودكى بازي. بجوان مستى به پيرى سستى.
خدا را كى پرستى. فاذا تم شغلك بالشريعة فاجتهد فى الطريقة وهى باطن الشريعة واقتد باولى الألباب فانه كما ان لكل نبى شرعة ومنهاجا كذلك لكل ولى طريقة مسلوكة مخصوصة وقد ضل من ضل منارهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب يعم حكمه كافة المؤمنين من المخلصين وغيرهم وان كان سبب وروده بعضا منهم إذ روى ان عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال لرسول الله ﷺ ان لى موالى من اليهود كثيرا عددهم وانى ابرأ الى الله ورسوله من ولايتهم وأوالي الله ورسوله فقال عبد الله بن ابى انى رجل أخاف الدوائر لا ابرأ من ولاية موالىّ وهم يهود بنى فينقاع فقال تعالى لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ اى لا تتخذوا أحدا منهم وليا بمعنى لا تصافوهم ولا تعاشروهم مصافاة الأحباب ومعاشرتهم لا بمعنى لا تجعلوهم اولياء لكم حقيقة فانه امر ممتنع فى نفسه لا يتعلق به النهى بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ اى بعض كل فريق من ذينك الفريقين اولياء بعض آخر من ذلك الفريق لا من الفريق الآخر لانه لا موالاة بين فريقى اليهود والنصارى رأسا والكل متفقون على الكفر مجمعون على مضارتكم ومضاركم فيكيف يتصور بينكم وبينهم موالاة وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ اى من يتخذهم اولياء فَإِنَّهُ مِنْهُمْ اى هو على دينهم ومعهم فى النار وهذا إذا تولاهم لدينهم واما الصحبة لمعاملة شراء شىء منهم او طلب عمل منهم مع المخالفة فى الاعتقاد والأمور الدينية فليس فيه هذا الوعيد. قال المولى ابو السعود وفيه زجر شديد للمؤمنين عن اظهار صورة الموالاة لهم وان لم تكن موالاة فى الحقيقة إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ تعليل لكون من يتولاهم منهم اى لا يرشد الذين ظلموا أنفسهم بترك إخوانهم المؤمنين وبموالاة اعداء الله بل يخليهم وشأنهم فيقعون فى الكفر والضلالة اللهم لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك: قال الحافظ
در ره عشق از ان سوى فناصد خطرست تا نكوى كه چوعمرم بسر آمد رستم
فَتَرَى يا محمد او كل من له اهلية للخطاب رؤية بصرية الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى مرض النفاق ورخاوة العقد فى الدين يُسارِعُونَ فِيهِمْ حال من الموصول اى

صفحة رقم 402

واعلم ان للحق دولة وللباطل صولة والباطل يفور ثم يغور. فعلى المؤمن ان لا يميل الى جانب الباطل واهله أصلا كائنا من كان- روى- عن ابى موسى الأشعري انه قال قلت لعمر بن الخطاب ان لى كاتبا نصرانيا فقال مالك قاتلك الله ألا اتخذت حنيفا اما سمعت قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ قلت له دينه ولى كتابه قال لا تكرموهم إذ أهانهم الله ولا تأتمنوهم إذ خونهم الله ولا تدنوهم إذا قصاهم الله- وروى- انه قال لا قوام للبصرة الا به فقال مات النصراني والسلام يعنى هب انه مات فما كنت تكون صانعا حينئذ فاصنعه الساعة واستغن عنه بغيره. قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر شاهدت دمشق ان الرجال والنساء كانوا يوالون النصارى ويسامحون فى المعاملة ويذهبون بأطفالهم وصغارهم الى الكنائس ويرشون عليهم بطريق التبرك من ماء المعمودية وهذا كفر والعياذ بالله والمعمودية ماء للنصارى اصفر كانوا يغمسون فيه أولادهم ويعتقدون انه تطهير للمولود كالخنان لغيرهم وقس عليه تعظيم نوروز النصارى وإهداء شىء فى ذلك اليوم إليهم والمشاركة معهم ويلزم الحسبة فى بعض الأمور قطعا لعرق الموالاة. وفى ملتقطة الناصري ولا ادع المشرك يضرب البربط. قال محمد كل شىء امنع من المسلم فانى امنع من المشرك الا الخمر والخنزير ولكن يمنع اهل الكفر من إدخال الخمور والخنازير فى الأسواق على سبيل الشهرة لان فيها استخفافا للمسلمين وما صالحناهم ليستخفوا بالمؤمنين وان حضر لهم عيد لا يخرجون فيه صليبهم ويمنعون من اظهار بيع المزامير والطنبور واظهار الغناء وغير ذلك مما منع منه المسلم ويمنعون من احداث الكنيسة. قال عليه الصلاة والسلام (لا خصاء فى الإسلام ولا كنيسة) والمراد بالخصاء خصاء بنى آدم فيجوز خصاء البهائم وبه نقول فكما يجوز ذبح الحيوان لحاجة الناس الى لحمه فكذلك يجوز خصاء الحيوان إذا كان فى ذلك منفعة للناس. فان قلت لم لا يجوز خصاء بنى آدم وفيه منفعة ايضا. قيل لا منفعة فيه لانه لا يجوز للخصى ان ينظر الى النساء كما لا يجوز للفحل كذا فى بستان العارفين.
ثم اعلم ان النفس والشيطان والقوى الشريرة فى وجود الإنسان كاليهود والنصارى فكما انه يلزم مجانبتهم وعدم موالاتهم لان الله تعالى عاداهم وامر بمعاداتهم فكذلك ما ذكر من النفس وغيرها لا يجوز موالاتها والحمل على هواها لانها تسوق الى النار نار جهنم ونار القطيعة فالمؤمن مأمور بالمعاداة لمن عادى الله تعالى مطلقا والا لم يصح إيمانه: وفى المثنوى

آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ليك اژدرهات محبوس چهست
چهـ خرابت ميكند نفس لعين دور مى اندازدت سخت اين قرين
آتشت را هيزم فرعون نيست زانكه چون فرعون او را عون نيست
يعنى ان فرعون ساعده اسباب الدعوى والهوى ولذلك قال ما قال وفعل ما فعل واما أنت فليس لك الأسباب مساعدة ولا تجدعونا فى هواك ولذا لا تظهر صورة ما أظهره يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ هذا من الكائنات التي اخبر عنها القرآن قبل وقوعها- روى- انه ارتد عن الإسلام احدى عشرة فرقة ثلاث فى عهد رسول الله صلى الله عليه

صفحة رقم 404

وسلم بنوا مدلج ورئيسهم ذو الخمار وهو اسود العنسي كان كاهنا تنبأ باليمن واستولى على بلاده حتى اخرج عمال رسول الله ﷺ مثل معاذ بن جبل وسادات اليمن فكتب عليه السلام الى معاذ بن جبل ومن معه من المسلمين وأمرهم ان يحثوا الناس على التمسك بدينهم وعلى النهوض الى حرب الأسود فقتله فيروز الديلمي على فراشه قال ابن عمر فأتى الخبر النبي عليه السلام من السماء الليلة التي قتل فيها فقال عليه الصلاة والسلام (قتل الأسود البارحة قتله رجل مبارك) قيل ومن هو قال (فيروز) فبشر عليه السلام أصحابه بهلاك الأسود وقبض عليه السلام من الغد واتى خبر مقتل العنسي المدينة فى آخر شهر ربيع الاول وكان ذلك أول فتح جاء أبا بكر رضى الله عنه والفرقة الثانية من المرتدين بنوا حنيفة باليمامة ورئيسهم مسيلمة الكذاب وكان قد تنبأ فى حياة رسول الله ﷺ فى آخر سنة عشر من الهجرة زعم انه أشرك مع رسول الله فى النبوة وكتب الى النبي عليه السلام من مسلمة رسول الله الى محمد رسول الله اما بعد فان الأرض نصفها لى ونصفها لك وبعث بذلك الكتاب رجلين من أصحابه فقال لهما رسول الله عليه السلام (لولا ان الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما) ثم أجاب (من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب اما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) فمرض عليه السلام وتوفى فبعث ابو بكر خالد بن الوليد الى مسيلمة الكذاب فى جيش كثير حتى أهلكه الله على يدى وحشي غلام مطعم بن عدى قاتل حمزة بن عبد المطلب بعد حرب شديد وكان وحشي يقول قتلت خير الناس فى الجاهلية وشر الناس فى الإسلام يريد فى جاهليتى وإسلامي. والفرقة الثالثة بنوا اسد ورئيسهم طليحة بن خويلد وكان طليحة آخر من ارتد وادعى النبوة فى حياة رسول الله عليه السلام وأول من قوتل بعد وفاته عليه السلام من اهل الردة فبعث ابو بكر خالد بن الوليد فهزمهم خالد بعد قتال شديد وأفلت طليحة فمر على وجهه هاربا نحو الشام ثم انه اسلم بعد ذلك وحسن إسلامه ثم ان الله تعالى لما قبض نبيه عليه السلام ارتد عامة العرب الا اهل مكة واهل المدينة واهل البحرين من عبد القيس فقال المرتدون اما الصلاة فنصلى واما الزكاة فلا نغصب أموالنا فكلم ابو بكر فى ذلك فقال والله لا افرق بين ما جمع الله تعالى بقوله أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ والله لو منعونى عتودا مما أدوا الى رسول الله لقاتلتهم عليه فبعث الله عز وجل عصائب مع ابى بكر رضى الله عنه فقاتل على ما قاتل عليه نبى الله حتى أقروا بالزكاة المفروضة. قال انس بن مالك كرهت الصحابة قتال مانعى الزكاة قالوا هم اهل القبلة فتقلد ابو بكر سيفه وخرج وحده فلم يجدوا بدا من الخروج على اثره.
وقال ابن مسعود رضى الله عنه كرهنا ذلك فى الابتداء ثم حمدناه فى الانتهاء وقيل ما ولد بعد النبيين مولود أفضل من ابى بكر لقد قام مقام نبى فى قتال اهل الردة: قال الشيخ العطار فى نعت ابى بكر رضى الله عنه

صفحة رقم 405

وقال الحسن لولا ما فعل ابو بكر لا لحد الناس فى الزكاة الى يوم القيامة. قال فى الأشباه المعتمد فى المذهب عدم الاخذ كرها. قال فى المحيط ومن امتنع عن أداء الزكاة فالساعى لا يأخذ منه كرها ولو أخد لا يقع المأخوذ عن الزكاة لكونها بلا اختيار ولكن يجبره بالحبس ليؤدى بنفسه فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ مكانهم بعد إهلاكهم بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ اى يريد بهم خير الدنيا والآخرة وَيُحِبُّونَهُ اى يريدون اطاعته ويتحرزون عن معاصيه قيل هم اهل اليمن قال عليه السلام (الايمان يمان والحكمة يمانية) وانما نسب الايمان إليهم اشعارا بكماله فيهم لان من اتصف بشىء وقوى قيامه به نسب ذلك الشيء اليه لا ان يكون فى ذلك نفى له عن غيرهم فلا منافاة بينه وبين قوله عليه الصلاة والسلام (الايمان فى اهل الحجاز) ثم ان المراد بذلك الموجودون منهم فى ذلك الزمان لا كل اهل اليمن فى كل الأحيان كذا فى شرح المشارق لابن الملك. وقيل هم الأنصار رضى الله عنهم. وقيل هم اهل فارس وفى الحديث (لو كان الايمان معلقا بالثريا لناله أبناء فارس) وفيه فضيلة لهذه القبيلة أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ جمع ذليل اى ارقاء ورحماء متذللين ومتواضعين لهم واستعماله بعلى لتضمين معنى العطف والحنو أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ اى أشداء متغلبين عليهم من عزه إذا غلبه يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صفة اخرى لقوم مترتبة على ما قبلها مبينة مع ما بعدها لكيفية عزتهم وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ عطف على يجاهدون بمعنى انهم جامعون بين المجاهدة فى سبيل الله وبين التصلب فى الدين. وفيه تعريض بالمنافقين فاتهم إذا خرجوا فى جيش المسلمين خافوا أولياءهم اليهود فلا يكادون يعملون شيأ يلحقهم فيه لوم من جهتهم واللومة المرة من اللوم وفيها وفى تنكير لائم مبالغتان كأنه قيل لا يخافون من شىء من اللومات الواقعة من أي لائم كان فالمبالغة الاولى انتفاء الخوف من جميع اللومات والثانية انتفاء الخوف من جميع اللوام كل ذلك لان النكرة فى سياق النفي تعم ذلِكَ اشارة الى ما تقدم من الأوصاف الجليلة التي وصف بها القوم من المحبة والذلة والعزة والمجاهدة فى سبيل الله وانتفاء خوف اللوم من كل واحد فَضْلُ اللَّهِ اى لطفه وإحسانه لا انهم مستقلون فى الاتصاف بها يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ايتاءه إياه ويوفقه لكسبه وتحصيله حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة وَاللَّهُ واسِعٌ كثر الفواضل والألطاف عَلِيمٌ مبالغ فى العلم بجميع الأشياء التي من جملتها من هواهل للفضل والتوفيق: قال الحافظ

هر چهـ بود از باركاه كبريا ريخت در صدر شريف مصطفا
آن همه در سينه صديق ريخت لا جرم تا بود ازو تحقيق ريخت
سكندر را نمى بخشند آبى بزور وزر ميسر نيست اين كار
واعلم ان من السالكين من يقطع العقبات ويحرق الحجب فى سبعين سنة ومنهم من من يقطعها فى عشرين سنة ومنهم من يحصل له فى سنة ومنهم من يقطعها فى شهر بل فى جمعة بل فى ساعة حتى ان منهم من تحصل له فى لحظة بتوفيق خاص وعناية سابقة أما تذكر سحرة فرعون ما كان مدتهم الا لحظة حيث رأوا معجزة موسى قالوا آمنا برب العالمين فابصروا الطريق وقطعوه حقه فصاروا من ساعة الى ساعة بل اقل من العارفين بالله- وحكى- ان ابراهيم بن أدهم كان على ما كان عليه من امر الدنيا فعدل عن ذلك وقصد

صفحة رقم 406
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية