آيات من القرآن الكريم

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

فاستبقوا، واستبقوا: فعل وفاعل، والخيرات مفعول به، أو منصوب بنزع الخافض، ولعله أولى، لأن الأصل في «استبق» أن يعدّى الفعل ب «إلى» إلا إذا ضمنت «استبق» معنى «ابتدر»، فيتعدى بنفسه. والى الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، ومرجعكم مبتدأ مؤخر، والجملة مستأنفة مسوقة سياق التعليل لاستباق الخيرات، وجميعا حال من الكاف لأنها فاعل في المعنى، أي:
ترجعون جميعا (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) الفاء عاطفة على معنى مرجعكم، أي: ترجعون فينبئكم، والكاف مفعول به، وبما متعلقان بينبئكم، وجملة كنتم صلة الموصول، والتاء اسم كان، وجملة تختلفون خبرها.
البلاغة:
في إظهار الضمير بقوله: «الكتاب» بيان لأهميته، وأنه المرجع والملاذ والمعتصم إذا حزب الأمر، وهو داخل في نطاق علم المعاني.
ومنه في الشعر قول البحتري في مطلع سينيته:

صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كلّ جبس
[سورة المائدة (٥) : آية ٤٩]
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩)

صفحة رقم 495

الإعراب:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ) الواو مستأنفة، والكلام مستأنف لبيان كيفية الحكم بينهم، وجعلها الزمخشري عاطفة على الكتاب، ولا يخفى ما فيه من بعد، وأن وما بعدها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض، ومتعلق الجار والمجرور محذوف، أي:
ووصّيناك بأن احكم، واختار أبو حيّان أن يكون المصدر المؤول مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: وحكمك بما أنزل الله أمرنا وقولنا، أو تقدره بقولك: ومن الواجب حكمك بما أنزل الله، ولا بأس بقوله.
وبينهم ظرف متعلق بمحذوف حال، وبما متعلقان ب «احكم»، وجملة أنزل الله صلة الموصول (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) الجملة معطوفة على «احكم»، ولا ناهية، وتتبع فعل مضارع مجزوم ب «لا»، وأهواءهم مفعول به، واحذرهم عطف أيضا، وأن يفتنوك مصدر مؤول منصوب بنزع الخافض، أي: من أن يفتنوك. ولك أن تجعل المصدر المؤول بدل اشتمال من الهاء في «واحذرهم» لأنهم اشتملوا على الفتنة، وأجازوا أن يكون المصدر مفعولا لأجله، على تقدير لام العلة، ولا النافية، وأرى فيه تكلفا، ولكن كثيرا من المعربين أعربوه كذلك (عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) الجار والمجرور متعلقان بيفتنوك، وما اسم موصول في محل جر بالاضافة، وجملة أنزل الله صلة، وإليك متعلقان بأنزل (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) الفاء استئنافية، وإن شرطية، وتولوا فعل ماض وفاعل، وهو في محل جزم فعل الشرط، والفاء رابطة للجواب، وجملة اعلم في محل جزم جواب الشرط، وأنما كافة ومكفوفة، وهي وما في حيزها سدت مسد مفعولي اعلم، ويريد فعل مضارع، والله فاعل، والمصدر المؤول مفعول يريد، وببعض متعلقان بيصيبهم

صفحة رقم 496
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية