آيات من القرآن الكريم

وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ... (٤٧)
* * *
في هذا النص الكريم قراءات نذكر منها قراءتين في قوله: " وَلْيَحْكُمْ ": أولاهما - قراءة حمزة بكسر اللام وفتح الميم (١)، وتكون اللام للتعليل، ويكون في مقام العطف على ما سبق، لأنه في معنى التعليل، ويكون المعنى على هذه القراءة: (وآتينا عيسى ابن مريم الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل فيه)، وأهل الإنجيل هم من عاصروا المسيح عليه السلام، ومن
________
(١) قرأها بكسر اللام وفتح الميم حمزة، وقرأ الباقون بإسكان اللام والميم. غاية الاختصار - أبوالعلاء الهمذاني العطار ج ٢.

صفحة رقم 2220

جاءوا بعدهم حتى بعث محمد - ﷺ -، إذ يجب العمل بشريعته حتى يجيء ما ينسخها، فالعمل واجب بشريعة الإنجيل من أهل الإنجيل، فلما جاءت شريعة محمد عليه الصلاة والسلام صاروا أهل شريعة محمد - ﷺ -.
والقراءة الثانية بسكون اللام، وسكون الميم على أن اللام للأمر (١)، وسياق الكلام على هذا يوجب تقدير محذوف، وهو (قلنا) مثلا ليكون متقابلا مع أهل التوراة الذين قال تعالى فيهم: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ...).
فالمعنى: وقلنا ليحكم أهل الإنجيل. وعلى هذا التقدير يكون العمل بالإنجيل سابقا على نزول القرآن.
وإذا لم تقدر كلمة قلنا، فإن الكلام لَا يدل على إقاء شريعة الإنجيل للنصارى؛ وذلك لأنه بعد بعث محمد - ﷺ - صاروا هم أهل القرآن؛ لأنهم هم الذين يخاطبون برسالته، ومعهم غيرهم من الخليقة، فكل الذين يدركون نبيا هم أهل رسالته التي يخاطبون بها، لَا فرق بين قريب دان، وبعيد قاص، وأيضا فإن شريعة محمد - ﷺ - قد نسخت ما يخالفها مما سبقها، إذ شربعة القرآن هي المهيمنة على ما عداها، كما قال تعالى:
________
(١) السابق.

صفحة رقم 2221
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية