آيات من القرآن الكريم

فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ

ما يطلبه منهم مع كونه في الحقيقة مُلكاً له تعالى، يأخذه ليرد عِوَضًه خيراً
منه، وعلى ذلك: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا)
والقرض: اسم للمقرض كالعطاء في كونه اسم للمُعْطى.
وقيل: هو موضوع موضع الإقراض، كقوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا)
(وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ) أي ضمن نصرتكم.
وقوله: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) يتصل به قوله: (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ).
وقوله: (وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ).
جملتان فصل بهما بين الكلامين المتصلين على سبيل الاعتراض المؤكد للكلام،
وقال: (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ) أي إن أديتم الفرائض ونصرتم الرسل
وأنفقتم في سبيل المكارم، تجوفي عن ذنوبكم ومكنتم من الجنة، ومن كفر بعد أخذ الميثاق فقد ضل عن الصراط المستقيم.
قوله عز وجل: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)

صفحة رقم 299

قد تقدم ذكر نقض الميثاق وقلوبهم قاسية هي كقوله: (فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً). وقرأ قَسيَّة وقيل هي فعيله منه، وقيل: معناه ليست بخالصة الإيمان من قولهم درهم قسي إذا خالطه غِشية الخائنة.
قيل: مصدر كالخيانة، نحو عوفي عافية (والمؤتفكات بالخاطئة)، و (أهلكوا بالطاغية).
وقائله: بمعنى قيلولة. وقيل معناه: تطلع على جماعة خائنة، وقيل: على رجل خاص كقوله راوية وداعية ونابغة قال الشاعر:

صفحة رقم 300

حَدَثَتْكَ نَفْسُكَ بِالوفَاءِ وَلمْ تَكُنْ للغَدرِخَائِنةَ مُغِل الأصبُعً
إن قيل لما قال: (وَنَسُوا حَظًّا) فنكَّر؟
قيل للإنسان حظان: حظ دنيوي، وحظ أخروي، فأشار بقوله (حظًّا) إلى الأخروي.
ونبه بقوله: (مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) على أن الله قد ذكرهم ذلك بما وضع فيهم من العقل وبما أنزل عليهم من الكتب فنسوه أي تركوه، واستعارة لفظ النسيان لتركهم إياه مبالغة في ذمهم وتمام القصة عند قوله: (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) ثم استأنف على سبيل الذم لهم (وَلَا تَزَالُ تَطَّلعُ)
وقوله: (فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح) أمر بالعفو عما يضمرونه،
وقيل: أمر بالعفو عمن دخل في العهد.
وقال قتادة: ذلك منسوخ بقوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ).

صفحة رقم 301
تفسير الراغب الأصفهاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى
تحقيق
هند بنت محمد سردار
الناشر
كلية الدعوة وأصول الدين - جامعة أم القرى
سنة النشر
1422
عدد الأجزاء
2
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية