
وقال أبو بكر (١): قال النحويون: يوم العيد معناه اليوم الذي يعود فيه الفرح والسرور. والعيد عند العرب الذي يعود فيه الفرح والحزن، قال: وكأن الأصل في العيد العود؛ لأنه من عاد يعود، فلما سكنت الواو انكسر ما قبلها صارت ياء (٢) كقولهم: ميزان، وميقات وميعاد (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَآيَةً مِنْكَ﴾ أي: دلالة على توحيدك وصحة نبوة نبيك (٤). وقوله تعالى: ﴿وَارْزُقْنَا﴾ قال ابن عباس: وارزقنا عليها طعامًا نأكله (٥).
١١٥ - قوله تعالى: ﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ وقرئ بالتشديد (٦)، فمن خفف فلقوله: ﴿أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ فقال: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا﴾ ليكون الجواب كالسؤال، ومن شدد فلأن نَزَّل وأنزل في القرآن قد استعمل كل واحد منهما موضع الآخر (٧)؛ ولأنها نزلت مرات كما يروى في القصة، فكأن التشديد دل على التكرير.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ﴾ بعد إنزال المائدة.
وقوله تعالى: ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا﴾ إلى أخر الآية قال، ابن عباس:
(٢) إلى هنا انتهى كلام ابن الأنباري حسب ما في "تهذيب اللغة".
(٣) الكلام من قوله: "قال الليث.. " إلى هنا من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٢٧٠ - ٢٢٧١ (عاد).
(٤) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٦٨.
(٥) "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٤٦.
(٦) قرأ بالتشديد نافع وعاصم وابن عامر، وقرأ الباقون بالتخفيف. "الحجة للقراء السبعة" ٣/ ٢٨٢، و"حجة القراءات" ص ٢٤٢.
(٧) "الحجة" ٣/ ٣٨٢.

يعني: مسخهم خنازير (١)، وقال قتادة: إنهم مسخوا قردة (٢).
وقيل: أراد جنسًا من العذاب لا يعذب به غيرهم (٣)، وقيل في قوله تعالى: ﴿مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ يعني عالمي زمانهم (٤).
قال الزجاج: جائز أن يكون هذا العذاب يعجل لهم في الدنيا، وجائز أن يكون في الآخرة (٥).
واختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا؟: فقال الحسن: والله ما نزلت المائدة، وإن القوم لما سمعوا الشرط في قوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ﴾ استعفوا وقالوا: لا نريدها ولا حاجة لنا فيها. ولو نزلت لكانت عيدًا لنا إلى يوم القيامة (٦)، وهذا أيضًا قول مجاهد أن الآية لم تنزل (٧)، وابن عباس والباقون من العلماء على أنها نزلت (٨)، ولكنهم مختلفون في كيفية نزولها والطعام الذي كان عليها، والذي نقتصر عليه هنا ما روى عمار ابن ياسر قال: قال رسول الله - ﷺ -: "نزلت المائدة من السماء خبزًا ولحمًا، وأمروا أن لا يخونوا ولا يُخبِّئوا ولا يدّخروا، فخان القوم وخّباوا وادّخروا
(٢) أخرج ابن جرير عنه كقول ابن عباس: حولوا خنازير، الطبري ٧/ ١٣٦. "النكت والعيون" ٢/ ٨٦.
(٣) "النكت والعيون" ٢/ ٨٦، "زاد المسير" ٢/ ٤٦٢.
(٤) "تفسير الطبري" ٧/ ١٣٦، "النكت والعيون" ٢/ ٨٦.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٧/ ١٣٦.
(٦) أخرجه الطبري ٧/ ١٣٦، "النكت والعيون" ٢/ ٨٥.
(٧) أخرجه الطبري ٧/ ١٣٥.
(٨) "تفسير الطبري" ٧/ ١٣٣، "النكت والعيون" ٢/ ٨٥، "زاد المسير" ٢/ ٤٥٩، ونسب هذا القول للجمهور.