
الأهواء فذكر شيئا من امره فقال صفوان الا ادلك على خاصة الله تعالى خص بها أوليائه يا ايها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً الضال والمهتدى فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فيجزى كل على حسب عمله ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره فيه وعد ووعيد للفريقين ذكر البغوي واخرج نحوه البخاري وابو داؤد والترمذي عن ابن عباس رضى الله عنهما ان تميما الداري وعدى بن بدا خرجا الى الشام للتجارة وكانا حينئذ نصرانيين ومعهما بديل مولى عمرو بن العاص وكان مسلما فلما قدموا الشام مرض بديل ودوّن ما معه فى صحيفة وطرحها فى متاعه ولم يخبرهما به واوصى إليهما ان يدفعها متاعه الى اهله ومات بديل ففتّشا متاعه وأخذا منه اناء فضة فيه ثلاثمائة مثقال منقوشا بالذهب فغيباه ثم قضيا حاجتهما فانصرفا الى المدينة فدفعا الى اهل الميت ففتّشوا فاصابوا صحيفة فيها تسمية ما كان معه فجاؤا تميما وعديا فقالوا هل باع صاحبنا شيئا من متاعه قالا لا قالوا فهل اتجر تجارة قالا لا قالوا فهل طال مرضه فانفق على نفسه قالا لا فقالوا انا وجدنا فى متاعه صحيفة فيها تسمية ما معه وانا قد فقدنا منها اناء من فضة مموها بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال من فضة قالا لا ندرى انما اوصى لنا بشئ فامرنا ان ندفعه إليكم فدفعناه وما لنا من علم بالاناء فجحدوا فترافعوا الى رسول الله ﷺ فنزلت.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ شهادة بينكم مبتدأ خبره اثنان بحذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه تقديره شهادة بينكم شهادة اثنين لفظه خبر ومعناه امر اى ليشهد اثنان وجاز ان يكون اثنان فاعل المصدر يعنى شهادة بينكم والمصدر مبتدا خبره محذوف مقدم عليه تقديره فيما أمرتم شهادة اثنين اى ان يشهد اثنان واتسع فى بين فاضيف اليه المصدر والمراد بالشهادة الاشهاد بمعنى الإحضار للايصاء إليهما يدل عليه سياق القصة المنزلة فيها كما فى قوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين وعدد الاثنان مبنى على الأحوط والواحد يكفى للوصية اجماعا وإذا حضر ظرف الشهادة اى الاشهاد ومعنى إذا حضر أحدكم الموت إذا ظهرت اماراته وقوله حين الوصية ظرف لحضر او بدل من إذا حضر وفى إبداله تنبيه على ان الوصية مما ينبغى ان لا يتهاون فيه

يعنى وقت حضور الموت وقت الوصية ضرورة ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ اى من اهل دينكم يا معشر المؤمنين صفتان للاثنان فان المسلمين العدول اولى للاستيمان أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ مرفوع بفعل مضمر يفسره ما بعده ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ اى سافرتم فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ فاوصيتم إليهما ودفعتم إليهما ما لكم فاتهمهما بعض الورثة وادعوا عليهما خيانة وأنكر الخيانة يدل على هذا التقدير سبب النزول حيث أصاب اهل بديل الصحيفة فطالبوهما الإناء فجحد الوصيان تَحْبِسُونَهُما صفة لاثنان او آخران يعنى لكل اثنين عادلين من الحاضرين للايصاء سواء كان منكم او من غيركم ولا وجه لجعله صفة لاخرين فقط والمعنى تقفون الوصيين المنكرين للخيانة مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ من زائدة والمراد بالصلوة صلوة العصر لانه وقت اجتماع الناس وتصادم ملئكة الليل وملئكة النهار وقيل اى صلوة كان فَيُقْسِمانِ اى الوصيان بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ شرط استغنى عن الجزاء بما سبق يعنى ان ارتاب الوارث منكم ويتهم الوصيين بالخيانة وينكر انها يستحلف الوصيين الحاكم فيقسمان بالله وان لم يرتابوا ولم يتهموا فلا حاجة الى تحليفهما فقوله ان ارتبتم اعتراض وجواب القسم لا نَشْتَرِي بِهِ اى لا نستبدل بالقسم او بالله ثَمَناً عرضا من الدنيا اى لا نحلف بالله كاذبا لطمع وَلَوْ كانَ الوصي ذا قُرْبى من الميت وادعى الورثة عليه الخيانة يعنى الاستخلاف لا يختص بالاجنبى عند انكار الخيانة والله اعلم وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ اى الشهادة التي امر الله بإقامتها والمراد بالشهادة هاهنا اظهار الحق والاخبار بالصدق ولو على أنفسهم قرأ يعقوب شهادة الله ممدودا جعل همزة الاستفهام عوضا عن حرف القسم اى والله إِنَّا إِذاً اى إذا كتمنا الحق لَمِنَ الْآثِمِينَ فلما نزلت هذه الاية فصلى رسول الله ﷺ صلوة العصر دعا تميما وعديا فاستحلفهما عند المنبر بالله الذي لا اله الا هو انهما لم يختانا شيئا مما دفع إليهما فحلفا على ذلك وخلى رسول الله ﷺ سبيلهما ثم وجد الإناء فى أيديهما بعد ما طال الزمان وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس انه وجد بمكة فقالوا اشترينا عن تميم وعدى فبلغ ذلك بنى سهم فاتوهم فى ذلك فقالا انا كنا اشترينا منه هذا فقالوا الم تزعما ان صاحبنا لم يبع شيئا من متاعه قالا لم يكن
صفحة رقم 198