آيات من القرآن الكريم

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا
ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ

قَوْلُهُ: ﴿لَتَدْخُلُنَّ﴾ يَعْنِي وَقَالَ: لَتَدْخُلُنَّ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: "لَتَدْخُلُنَّ" مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حِكَايَةً عَنْ رُؤْيَاهُ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، وإنما استثنى ١٣٣/ب مَعَ عِلْمِهِ بِدُخُولِهَا بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى، تَأَدُّبًا بِآدَابِ اللَّهِ، حَيْثُ قَالَ لَهُ: "وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" (الْكَهْفِ-٢٣).
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: "إِنْ" بِمَعْنَى إِذْ، مَجَازُهُ: إِذْ شَاءَ اللَّهُ، كَقَوْلِهِ: "إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ".
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الدُّخُولِ، لِأَنَّ بَيْنَ الرُّؤْيَا وَتَصْدِيقِهَا سَنَةٌ، وَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ نَاسٌ فَمَجَازُ الْآيَةِ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كُلُّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَاقِعٌ عَلَى الْأَمْنِ لَا عَلَى الدُّخُولِ، لِأَنَّ الدُّخُولَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَكٌّ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَقْبَرَةِ: "وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ" (١)، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إِلَى اللُّحُوقِ لَا إِلَى الْمَوْتِ.
﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ﴾ كُلَّهَا، ﴿وَمُقَصِّرِينَ﴾ بِأَخْذِ بَعْضِ شُعُورِهَا، ﴿لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا﴾ أَنَّ الصَّلَاحَ كَانَ فِي الصُّلْحِ وَتَأْخِيرِ الدُّخُولِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ" الْآيَةَ (الْفَتْحِ-٢٥). ﴿فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ﴾ أَيْ مِنْ قَبْلِ دُخُولِكُمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، ﴿فَتْحًا قَرِيبًا﴾ وَهُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ: فَتْحُ خَيْبَرَ.
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨) ﴾

(١) قطعة من حديث أخرجه مسلم في الجنائز، باب: ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم: (٩٧٥) : ٢ / ٦٧١.

صفحة رقم 323
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية