
وَمِنْ قَبْلِهِ اى قبل القران وهو خبر لقوله كِتابُ مُوسى التوراة إِماماً يقتدى به حال من الضمير المستكن فى قبله وَرَحْمَةً من الله على الناس ليفوزوا الى فلاح الدارين والجملة معترضة وَهذا كِتابٌ من الله تعالى مُصَدِّقٌ لكتاب موسى او لمحمد ﷺ باعجازه صفة لكتاب لِساناً عَرَبِيًّا حال من ضمير كتاب فى مصدق او منه لتخصيصه بالصفة وعاملها معنى الاشارة وفائدتهما الاشعار بالدلالة على ان كونه مصدقا للتورته كما دل على انه حق دل على انه وحي وتوقيف من الله او مفعول به لمصدق بحذف مضاف اى مصدق ذا لسان عربى وهو محمد ﷺ لِيُنْذِرَ قرأ نافع والبزي «وابو جعفر- ابو محمد» بخلاف عنه وابن عامر ويعقوب بالتاء للخطاب اى لتنذر يا محمد والباقون بالياء للغيبة اى لينذر الكتاب او الله او الرسول متعلق بمفهوم هذا كتاب اى انزل لتنذر الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر وَبُشْرى مصدر لفعل محذوف اى وليبشر بشرى او مفعول له معطوف على محل لينذر وهذا لا يجوز الا على قراءة لينذر بصيغة الغائب ويكون الضمير لله تعالى حتى يكون فاعله وفاعل الفعل المعلل به واحدا وهو انزل وجاز ان يكون خبر المبتدأ محذوفا اى هو والجملة عطف على جملة قبلها لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا قد ذكرنا تفسير الاستقامة فى تفسير حم السجدة فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ بعد الموت عن لحوق مكروه وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) على فوات محبوب والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط.
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها حال من المستكن فى اصحاب والعامل فيه معنى الاشارة والجملة فى مقام التعليل لنفى الخوف جَزاءً مصدر لفعل دلّ عليه الكلام اى جوزوا جزاء بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) من اكتساب الفضائل العلمية والعملية-.
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ اللام للعهد والمراد به ابو بكر الصديق رضى الله عنه روى عن ابن عباس ان الاية نزلت فى ابى بكر وهو المروي عن على رضى الله قال نزلت فى ابى بكر اسلم أبواه جميعا ولم يجتمع من المهاجرين أبواه فى الإسلام غيره وقال السدىّ

والضحاك نزلت فى سعد بن ابى وقاص وقد ذكرنا قصته فى تفسير سورة العنكبوت وقيل اللام للجنس وان كان نازلا فى ابى بكر او سعد وذلك لا يقتضيه سياق الاية كما سنشير اليه بِوالِدَيْهِ متعلق بمحذوف اى ان يحسن بوالديه وهما ابو قحافة عثمان بن عمر وأم الخير بنت الخير بن الصخر بن عمر إِحْساناً كذا قرأ الكوفيون من الافعال فهو منصوب على المصدرية وقرأ الباقون حسنا من المجرد فهو بدل اشتمال لقوله بوالديه منصوب على محله حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً اى ذات كره فهو حال من فاعل حملته او حملا ذاكره فهو مصدر وهو المشقة قرأ اهل الحجاز وهشام وابو عمرو بفتح الكاف فى الموضعين والباقون بضمها وهما لغتان وقيل المضموم اسم والمفتوح مصدر وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً جملتان معترضتان فى مقام التعليل للامر بالإحسان وفيه اشعار بمزية استحقاق الام فى الإحسان قال رسول الله ﷺ صل امّك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك فادناك- وقد مر الحديث فى سورة العنكبوت- وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ وهو الفطام والمراد به الرضاع تسمية الملزوم باسم اللازم وقرأ يعقوب وفصله وهما بتقدير المضاف مبتدا بعده خبره اى مدة حمله ورضاعه ثَلاثُونَ شَهْراً معترضة اخرى لبيان شدة المشقة فى مدة طويلة يستدل بهذه الاية على ان اقل مدة الحمل ستة «١» أشهر لقوله تعالى وفصاله فى عامين فانه إذا ذهب منها

عامين بقي للحمل ستة أشهر وعليه اتفق الائمة فى أفل مدة الحمل واختلفوا فى أكثرها فقال ابو حنيفة سنتان وعن مالك روايات اربع سنين وخمس سنين وسبع سنين وقال الشافعي اربع سنين وعن احمد روايتان المشهور كمذهب الشافعي والاخرى كمذهب ابى حنيفة. وجه قول ابى حنيفة قول عائشة الولد لا يبقى فى بطن امه اكثر من سنتين ولو بقدر فلكة مغزل وفى رواية ولو بقدر ظل مغزل- قال ومثله لا يقال الا سمعا إذا المقدرات لا تدرك بالرأى قلت يحتمل ان يكون قولها على تقدير الصحة مبنيّا على التجربة فى جريان العادة كقول مالك والشافعي قلت والاستدلال بهذه الاية على اقل مدة الحمل مبنى على كون اللام فى الإنسان للجنس وان كان للعهد فلا لانها حينئذ بيان لواقعة حال- والاستدلال بهذه الاية على مذهب ابى حنيفة ان مدة الرضاع ثلاثون شهرا لا يجوز وقد مرّ الكلام فيه وفى غيرها من مسائل الرضاع فى سورة النساء فى تفسير قوله تعالى وامّهاتكم اللّاتى أرضعنكم روى عن عكرمة عن ابن عباس فى تفسير هذه الاية انه قال إذا حملت المرأة تسعة أشهر ارضعته أحد وعشرين شهرا وإذا حملت ستة أشهر ارضعته اربعة وعشرين شهرا والله اعلم حَتَّى إِذا بَلَغَ متعلق بفعل محذوف معطوف على وضعته تقديره وربّياه حتّى إذا بلغ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عطف على بلغ يعنى وبلغ كمال عقله كان ابو بكر صحب النبي ﷺ وهو ابن ثمانى عشرة سنة وذلك بلوغ الأشد وكان النبي ﷺ حينئذ ابن عشرين سنة فى تجارته الى الشام فلمّا بلغ أربعين سنة أمن بالنبي ﷺ ودعا ربه وقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي قرأ ورش والبزي بفتح الياء والباقون بإسكانها والمعنى الهمنى وقيل معناه الكف اى اجعلنى بحيث أزع نفسى يعنى اكفه من الكفران أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ الهداية للاسلام او ما يعمه وغيره وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ نكر صالحا للتعظيم او لانه أراد نوعا من الجنس يستجلب رضاء الله قال ابن عباس فاجابه الله تعالى فاعتق تسعة من المؤمنين يعذبون فى الله ولم يرد شيئا من الخير الا أعانه الله عليه ودعا ايضا وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي فاجابه الله فلم يكن له ولد الا
صفحة رقم 404