آيات من القرآن الكريم

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ

لأن التكسب فيها منصوص عليه في قوله: اتَّخَذَ وفي قوله: عَلى عِلْمٍ على التأويل الأخير فيه، ولو لم ينص على الاكتساب لكان مرادا في المعنى.
وقرأ أكثر القراء «غشاوة» بكسر الغين. وقرأ عبد الله بن مسعود: «غشاوة» بفتح الغين وهي لغة ربيعة، وحكي عن الحسن وعكرمة: «غشاوة» بضم الغين وهي لغة عكل، وقرأ حمزة والكسائي: «غشوة» بفتح الغين وإسكان الشين. وقرأ الأعمش وابن مصرف بكسر الغين دون ألف.
وقوله: مِنْ بَعْدِ اللَّهِ فيه حذف مضاف تقديره: من بعد إضلال الله إياه.
وقرأ عاصم وأراه الجحدري: «تذكرون» بتخفيف الذال. وقرأ جمهور الناس: «تذكرون» على الخطاب أيضا بتشديد الذال. وقرأ الأعمش: «تتذكرون» بتاءين.
وقوله تعالى: وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا الآية حكاية مقالة بعض قريش، وهذه صنيفة دهرية من كفار العرب. ومعنى قولهم: ما في الوجود إلا هذه الحياة التي نحن فيها وليست ثم آخرة ولا بعث.
واختلف المفسرون في معنى قولهم: نَمُوتُ وَنَحْيا فقالت فرقة المعنى: نحن موتى قبل أن نوجد، ثم نحيا في وقت وجودنا. وقالت فرقة: المعنى: نَمُوتُ حين نحن نطف ودم، ثم نَحْيا بالأرواح فينا، وهذا قول قريب من الأول، ويسقط على القولين ذكر الموت المعروف الذي هو خروج الروح من الجسد، وهو الأهم في الذكر. وقالت فرقة المعنى نحيا ونموت، فوقع في اللفظ تقديم وتأخير. وقالت فرقة:
الغرض من اللفظ العبارة عن حال النوع، فكأن النوع بجملته يقول: إنما نحن تموت طائفة وتحيا طائفة دأبا.
وقولهم: وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ أي طول الزمان هو المهلك، لأن الآفات تستوي فيه كمالاتها، فنفى الله تعالى علمهم بهذا وأعلم أنها ظنون وتخرص تفضي بهم إلى الإشراك بالله تعالى. والدَّهْرُ والزمان تستعمله الغرب بمعنى واحد. وفي قراءة ابن مسعود: «وما يهلكنا إلا دهر يمر». وقال مجاهد:
الدَّهْرُ هنا الزمان، وروى أبو هريرة عن النبي عليه السلام أنه قال: كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، ويفارق هذا الاستعمال قول النبي عليه السلام: «لا تسبوا الدهر، فإن الله تعالى هو الدهر» وفي حديث آخر: «قال الله تعالى يسب ابن آدم الدهر، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار»، ومعنى هذا الحديث: فإن الله تعالى يفعل ما تنسبونه إلى الدهر وتسبونه بسبه. وإذا تأملت مثالات هذا في الكلام ظهرت إن شاء الله تعالى.
قوله عز وجل:
[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩)

صفحة رقم 87

الضمير في: عَلَيْهِمْ عائد على كفار قريش. والآيات: هي آيات القرآن وحروفه بقرينة قوله:
تُتْلى وعابت هذه الآية سوء مقاولتهم، وأنهم جعلوا بدل الحجة التمني المتشطط والطلب لما قد حتم الله أن لا يكون إلا إلى أجل مسمى.
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن عامر فيما روى عنه عبد الحميد، وعاصم فيما روى هارون وحسين عن أبي بكر عنه «حجتهم» بالرفع على اسم كانَ والخبر في أَنْ. وقرأ جمهور الناس «حجتهم» بالنصب على مقدم واسم كانَ في أَنْ.
وكان بعض قريش قد قال: أحي لنا قصيا فإنه كان شيخ صدق حتى نسأله، إلى غير ذلك من هذا النحو، فنزلت الآية في ذلك، وقالوا لمحمد عليه السلام: ائْتُوا من حيث المخاطبة له، والمراد هو وإلهه والملك الوسيط الذي ذكر هولهم، فجاء من ذلك جملة قيل لها ائْتُوا وإِنْ كُنْتُمْ.
ثم أمر تعالى نبيه أن يخبرهم بالحال السالفة في علم الله التي لا تبدل، وهي أنه يحيي الخلق ويميتهم بعد ذلك ويحشرهم بعد إماتتهم إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.
وقوله: لا رَيْبَ فِيهِ أي في نفسه وذاته. والأكثر الذي لا يعلم هم الكفار والأكثر هنا على بابه.
وقوله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ قالت فرقة: العامل في: يَوْمَ قوله: يَخْسَرُ وجاء قوله:
يَوْمَئِذٍ بدلا مؤكدا. وقالت فرقة: العامل في: يَوْمَ فعل يدل عليه الملك، وذلك أن يوم القيامة حال ثالثة ليست بالسماء ولا بالأرض، لأن ذلك يتبدل، فكأنه قال: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والملك يوم القيامة، وينفرد يَخْسَرُ بالعمل في قوله: يَوْمَئِذٍ و: الْمُبْطِلُونَ الداخلون في الباطل.
وقوله تعالى: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ وصف حال القيامة وهولها. والأمة: الجماعة العظيمة من الناس التي قد جمعها معنى أو وصف شامل لها. وقال مجاهد: الأمة: الواحد من الناس، وهذا قلق في اللغة، وإن قيل في إبراهيم عليه السلام أمة، وقالها النبي عليه السلام في قس بن ساعدة فذلك تجوز على جهة التشريف والتشبيه. و: جاثِيَةً معناه على الركب، قاله مجاهد والضحاك، وهي هيئة المذنب الخائف المعظم، وفي الحديث: «فجثا عمر على ركبتيه». وقال سلمان: في القيامة ساعة قدر عشر سنين يخر الجميع فيها جثاة على الركب.
وقرأ جمهور الناس: «كل أمة» بالرفع على الابتداء. وقرأ يعقوب الحضرمي: «كلّ أمة تدعى» بالنصب على البدل من «كل» الأولى، إذ في «كل» الثانية إيضاح موجب الجثو. وقرأ الأعمش: «وترى كل أمة جاثية تدعى» بإسقاط كُلَّ أُمَّةٍ الثاني.
واختلف المتأولون في قوله: إِلى كِتابِهَا فقالت فرقة: أراد إِلى كِتابِهَا المنزل عليها فتحاكم

صفحة رقم 88
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية