آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠﰡﰢ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

- ٣٠ - فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ
- ٣١ - وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ
- ٣٢ - وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
- ٣٣ - وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
- ٣٤ - وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
- ٣٥ - ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
- ٣٦ - فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السماوات وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
- ٣٧ - وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السماوات وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أَيْ آمَنَتْ قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة، وَهِيَ الْخَالِصَةُ الْمُوَافِقَةُ لِلشَّرْعِ ﴿فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ وَهِيَ الْجَنَّةُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ (هذا جزء من حديث أخرجه الشيخان وأوله: "تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أورثت بالمتكبرين، وقالت الجنة: مالي لا يدخلني إلاّ سقط الناس وضعفاؤهم؟ فأوحى الله للجنة أنت رحمتي"... الخ) ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ أَيِ البيِّن الْوَاضِحُ، ثم قال تعالى ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾؟ أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ تَقْرِيعًا وتوبيخاً، أما قرئت عَلَيْكُمْ آيَاتُ الله تعالى، فاستكبرتم عن اتباعها وأعرضتم عن سماعها، وكنتم قوماً مجرمين فِي أَفْعَالِكُمْ، مَعَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ مِنَ التَّكْذِيبِ؟ ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ أَيْ إِذَا قَالَ لَكُمُ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ ﴿قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ﴾ أَيْ لَا نَعْرِفُهَا ﴿إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً﴾ أَيْ إِنْ نَتَوَهَّمُ وُقُوعَهَا إِلَّا تَوَهُّمًا أَيْ مَرْجُوحًا، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَا نَحْنُ مستيقنين﴾ أَيْ بِمُتَحَقِّقِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ﴾ أَيْ وَظَهَرَ لَهُمْ عُقُوبَةُ أَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ ﴿وَحَاقَ بِهِم﴾ أَيْ أَحَاطَ بِهِمْ ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ، ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ﴾ أَيْ نُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ النَّاسِي لَكُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ﴿كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ أَيْ فَلَمْ تَعْمَلُوا لَهُ لأنكم لم تصدقوا به ﴿وَمَأْوَاكُمُ النار ومالكم مِّن نَّاصِرِينَ﴾، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِبَعْضِ الْعَبِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: "أَلَمْ أُزَوِّجْكَ؟ أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرَبَّعُ؟

صفحة رقم 313

فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي»، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً﴾ أَيْ إِنَّمَا جَازَيْنَاكُمْ هَذَا الْجَزَاءَ، لِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ حُجَجَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ سُخْرِيًّا تَسْخَرُونَ وَتَسْتَهْزِئُونَ بِهَا، ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ أَيْ خَدَعَتْكُمْ فَاطْمَأْنَنْتُمْ إِلَيْهَا فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الخاسرين، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: ﴿فَالْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا﴾ أَيْ مِنَ النَّارِ، ﴿وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُمُ الْعُتْبَى، بَلْ يُعَذَّبُونَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عِتَابٍ، كَمَا تَدْخُلُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عذاب ولا حساب. ثم لما ذكر تعالى حُكْمَهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ قَالَ ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السماوات وَرَبِّ الْأَرْضِ﴾ أَيِ الْمَالِكِ لَهُمَا وَمَا فِيهِمَا، ولهذا قال: ﴿رَبِّ العالمين﴾، ثم قال جلَّ وعلا: ﴿وَلَهُ الكبريآء فِي السماوات وَالْأَرْضِ﴾، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي السُّلْطَانَ، أَيْ هُوَ الْعَظِيمُ الْمُمَجَّدُ الَّذِي كَلُّ شَيْءٍ خَاضِعٌ لَدَيْهِ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الْعَظَمَةُ إِزَارِي، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا منهما أسكنته ناري" (وفي رواية: فمن نازعني فيهما قصمته ولا أبالي، والحديث في صحيح مسلم)، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أَيِ الَّذِي لَا يُغَالَبُ وَلَا يُمَانَعُ، ﴿الْحَكِيمُ﴾ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ، تعالى وتقدس لا إله إلا هو.

صفحة رقم 314

- ٤٦ - سورة الأحقاف

صفحة رقم 315
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
عدد الأجزاء
1