آيات من القرآن الكريم

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ
ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

الحالة الثانية: أن ينتقل من مقام الإصرار على التكذيب والاستكبار إلى مقام الاستهزاء بالآيات فقد روى أن أبا جهل حين سمع قوله تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ [سورة الدخان الآيتان ٤٣، ٤٤] قال: الزقوم زبد وتمر، وحين سمع أن جهنم عليهم تسعة عشر قال: إنى ألقاهم وحدي.
وإذا علم من آياتنا شيئا، وعلم أنه منها بادر إلى الاستهزاء بالآيات كلها، ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه.
أولئك- والإشارة إلى كل أفاك أثيم مصر على الكفر مستهزىء بآيات الله- لهم عذاب ذو إهانة تتكافأ مع استكبارهم واستهزائهم، فالجزاء من جنس العمل، ومن ورائهم «١» جهنم، ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا من الأموال والأولاد فتلك مواقف لا ينفع فيها مال ولا بنون، بل يفر المرء فيها من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه.
ولا يغنى عنهم ما اتخذوهم أولياء من دون الله كالأصنام وسائر المعبودات الباطلة، ولهم في جهنم عذاب عظيم لا يعرف قدره أحد من الخلق.
يا قوم هو القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، هذا هو القرآن يهدى للطريقة التي هي أقوم، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وأما الذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب مؤلم للغاية، عذاب من أشد أنواع العذاب وأقساها.
فيا ويلكم أيها الكفار! ويلكم أيها الأفاكون والآثمون، وسلام على عباده الذين اصطفى والحمد لله رب العالمين.
من فضل الله علينا [سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ١٢ الى ١٥]
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥)

(١) الوراء: اسم للجهة التي توارى بها الشخص من خلف أو قدام، وهنا المراد من قدامهم لأنهم متوجهون إليها.

صفحة رقم 426

المعنى:
الله- سبحانه وتعالى- صاحب الفضل على الخلائق. ورب النعم على العباد، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، فهو الذي سخر لكم البحر وذلله بأن جعل فيه الاستعداد لأن تجرى الفلك فيه بأمره، فهو الذي خلق فيه قوة الضغط وجعله سائلا تجرى على صفحته السفن، وأرسل الرياح تدفعها إلى حيث يريد الإنسان، كل هذا لتبتغوا من فضل الله بالتجارة والانتقال من مكان إلى آخر، ولعلكم مع هذا تشكرون ربكم الذي أنعم عليكم ولا تكفرون.
وهو الذي سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، وها هو ذا الإنسان بما أودع فيه من قوة العقل والتفكير استخدم الطبيعة في أغراضه وسخرها لمنافعه وأصبح يشارك السمك في الماء والطير في الهواء والأصداف في قاع البحار، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون، وينظرون.
قل يا محمد للذين آمنوا بربهم، واهتدوا بنوره السماوي، قل لهم: يغفروا للذين لا يرجون لقاء الله يوم القيامة، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، يغفر لهم سيئاتهم ليجزيهم الله على ذلك أحسن الجزاء، وليجزي قوما أساءوا غيرهم بلا ذنب ولا جريرة إلا أنهم يقولون ربنا الله ليجزيهم بما كانوا يكسبون، وعلى هذا فالذين أساءوا هم الكفار، وسيجزيهم ربك يوم القيامة، فالكل خاضع لقانون عام هو: من عمل صالحا فلنفسه بغى الخير وسيجازى على معروفه، ومن أساء وارتكب الآثام فعلى نفسه وحدها وقع الجزاء، ثم بعد ذلك إلى ربكم ترجعون فتجزون الجزاء الأوفى، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

صفحة رقم 427
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية