آيات من القرآن الكريم

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ

﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥) وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٧) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) ﴾
﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ يُقَالُ: ضَرَبْتُ عَنْهُ وَأَضْرَبْتُ عَنْهُ إِذَا تَرَكْتُهُ وأمسكت عنه، و"الصفح" مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ صَفَحْتَ عَنْهُ إِذَا أَعْرَضْتَ عَنْهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُوَلِّيَهُ صَفْحَةَ وَجْهِكَ [وَعُنُقِكَ] (١)، وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الْقُرْآنُ. وَمَعْنَاهُ: أَفَنَتْرُكُ عَنْكُمُ الْوَحْيَ وَنُمْسِكُ عَنْ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ فَلَا نَأْمُرُكُمْ [وَلَا نَنْهَاكُمْ] (٢) مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ أَسْرَفْتُمْ فِي كُفْرِكُمْ وَتَرَكْتُمُ الْإِيمَانَ؟ اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ: لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَجَمَاعَةٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ رُفِعَ حِينَ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَهَلَكُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَادَ عَلَيْهِمْ بِعَائِدَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَكَرَّرَهُ عَلَيْهِمْ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ. (٣)
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَفَنُضْرِبُ عَنْكُمْ بِتَذْكِيرِنَا إِيَّاكُمْ صَافِحِينَ مُعْرِضِينَ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَفَنَطْوِي عَنْكُمُ الذِّكْرَ طَيًّا فَلَا تُدْعَوْنَ وَلَا تُوعَظُونَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَفَنَتْرُكُكُمْ سُدًى لَا نَأْمُرُكُمْ وَلَا نَنْهَاكُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: أَفَنُعْرِضُ عَنْكُمْ وَنَتْرُكُكُمْ فَلَا نُعَاقِبَكُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ. (٤) ﴿أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "إِنْ كُنْتُمْ" بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، عَلَى مَعْنَى: إِذْ كُنْتُمْ، كَقَوْلِهِ: "وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آلِ عِمْرَانَ-١٣٩)، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْفَتْحِ، عَلَى مَعْنَى: لِأَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ [مُشْرِكِينَ] (٥).
﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ﴾ أَيْ وَمَا كَانَ يَأْتِيهِمْ، ﴿مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ كَاسْتِهْزَاءِ قَوْمِكَ بِكَ، يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا﴾ أَيْ أَقْوَى مِنْ قَوْمِكَ، يَعْنِي الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ، ﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾ أَيْ صِفَتُهُمْ وَسُنَّتُهُمْ وَعُقُوبَتُهُمْ، فَعَاقِبَةُ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ فِي الْإِهْلَاكِ.
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ﴾ أَيْ سَأَلْتَ قَوْمَكَ،

(١) ساقط من "أ".
(٢) ساقط من "أ".
(٣) أخرجه الطبري: ٢٥ / ٤٩.
(٤) انظر: الطبري: ٢٥ / ٤٩.
(٥) زيادة من "ب".

صفحة رقم 206
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية