آيات من القرآن الكريم

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ

وَالْبَطْشُ: الْإِضْرَارُ الْقَوِيُّ.
وَانْتَصَبَ بَطْشاً عَلَى التَّمْيِيزِ لِنِسْبَةِ الْأَشُدِّيَّةِ.
ومَثَلُ الْأَوَّلِينَ حَالُهُمُ الْعَجِيبَةُ. وَمَعْنَى مَضى: انْقَرَضَ، أَيْ ذَهَبُوا عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، فَمُضِيِّ الْمَثَلِ كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِئْصَالِهِمْ لِأَنَّ مُضِيَّ الْأَحْوَالِ يَكُونُ بِمُضِيِّ أَصْحَابِهَا، فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا [الْأَنْعَام: ٤٥]. وَذِكْرُ الْأَوَّلِينَ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ: فِي الْأَوَّلِينَ. وَوَجْهُ إِظْهَارِهِ أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ صَرِيحًا وَجَارِيًا مجْرى الْمثل.
[٩]
[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٩]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)
لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نبيء فِي الْأَوَّلِينَ [الزخرف: ٦] مُوَجَّهًا إِلَى الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّسْلِيَةِ وَالْوَعْدِ بِالنَّصْرِ، عَطَفَ عَلَيْهِ خطاب الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا بَقَوْلِهِ: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ الْآيَةَ، لِقَصْدِ التَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا كَذَّبُوهُ لِأَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ إِلَهٍ وَاحِدٍ وَنَبْذِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَرَأَوْا ذَلِكَ عَجَبًا مَعَ أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ خَالِقُ الْعَوَالِمِ وَمَا فِيهَا. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ غَيْرُ خَالِقِ الْعَابِدِينَ، وَلِأَنَّ الْأَصْنَامَ مِنْ جُمْلَةِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ حِجَارَةٍ، فَلَوْ سَأَلَهُمْ الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُحَاجَّتِهِ إِيَّاهُمْ عَنْ خَالِقِ الْخَلْقِ لَمَا اسْتَطَاعُوا غَيْرَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى.
فَجُمْلَةُ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نبيء فِي الْأَوَّلِينَ [الزخرف: ٦] عَطْفَ الْغَرَضِ، وَهُوَ انْتِقَالٌ إِلَى الِاحْتِجَاجِ عَلَى بُطْلَانِ الْإِشْرَاكِ بِإِقْرَارِهِمُ الضِّمْنِيِّ: أَنَّ أَصْنَامَهُمْ خَالِيَةٌ عَنْ صِفَةِ اسْتِحْقَاقِ أَنْ تُعْبَدَ. وَتَأْكِيدُ الْكَلَامِ بِاللَّامِ الْمُوطِئَةِ لِلْقَسَمِ وَلَامِ الْجَوَابِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ لِتَحْقِيقِ أَنَّهُمْ يُجِيبُونَ بِذَلِكَ تَنْزِيلًا لِغَيْرِ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْخَبَرِ مَنْزِلَةَ الْمُتَرَدِّدِ، وَهَذَا التَّنْزِيلُ كِنَايَةٌ عَنْ جَدَارَةِ حَالَتِهِمْ بِالتَّعْجِيبِ مِنِ اخْتِلَالِ تَفْكِيرِهِمْ وَتَنَاقُضِ عَقَائِدِهِمْ وَإِنَّمَا فَرَضَ الْكَشْفَ عَنْ عَقِيدَتِهِمْ فِي صُورَةِ سُؤَالِهِمْ عَنْ خَالِقِهِمْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ غَافِلُونَ عَنْ ذَلِكَ فِي

صفحة رقم 167
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية