آيات من القرآن الكريم

فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭ

قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا آسفونا﴾ أَي: أغضبونا وأسخطونا. فَإِن قيل: الأسف إِنَّمَا يكون على شَيْء فَائت، وَالله تَعَالَى لَا يفوتهُ شَيْء؟
وَالْجَوَاب [عَنهُ] : أَن مَعْنَاهُ الْغَضَب كَمَا بَينا، وَقَالَ بَعضهم: آسفونا أَي: فعلوا فعلا لَو فَعَلُوهُ مَعَ مَخْلُوق لَكَانَ متأسفا حَزينًا. وَفِي بعض الْآثَار: أَن عُرْوَة بن الزبير كَانَ جَالِسا مَعَ وهب بن مُنَبّه، فجَاء قوم فشكوا عاملهم، وَكَانَ الْعَامِل حَاضرا، فَغَضب وهب بن مُنَبّه وَأخذ عَصا وشج رَأس الْعَامِل، فَضَحِك عُرْوَة بن الزبير فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا ينْهَى عَن الْغَضَب ويغضب؟ فَقَالَ وهب: لَا، لَا تلمني، فَإِن الله تَعَالَى يغْضب وَهُوَ خَالق الأحلام، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا آسفونا انتقمنا مِنْهُم﴾ وَمعنى قَوْله: ﴿انتقمنا مِنْهُم﴾ أَي: بالإغراق والإهلاك، وَهُوَ معنى قَوْله: ﴿فأغرقناهم أَجْمَعِينَ فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين﴾ أَي: سلفا للكبار وَمن بعدهمْ، ومثلا لمن فعل مثل فعلهم. وَمعنى " مثلا " أَي: عظة وعبرة. وَقُرِئَ " سلفا " وَهُوَ جمع سليف، وَقُرِئَ: " سلفا " وَالْمعْنَى فِي الْكل وَاحِد. وَعَن زيد بن أسلم قَالَ: مَا من أحد إِلَّا وَله سلف فِي الخيروالشر.

صفحة رقم 110
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية