آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وحاصل بالاستعداد وليس كذلك فى الحقيقة فالله تعالى هو الولي يتولى امر عباده فيفعل ما تقتضيه حكمته ولا دخل لشىء من ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن رفعهم الى درجات الكمال بحرمة أكامل الرجال وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً بتقدير المضاف مثل كراهة ان يكون الناس فان لولا لانتفاء الثاني لوجود الاول ولا تحقق لمدلول لولا ظاهرا والمعنى ولولا كراهة ان يرغب الناس فى الكفر إذا رأوا الكفار فى سعة وتنعم لحبهم الدنيا وتوهم ان ذلك الفضيلة فى الكفار فيجمعوا ويكونوا فى الكفر امة واحدة لَجَعَلْنا لحقارة الدنيا وهو انها عندنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ اى لشر الخلائق وأدناهم منزله كما قال تعالى أولئك هم شر البرية لِبُيُوتِهِمْ بدل اشتمال من لمن او اللام بمعنى على وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد المستكن فى يكفر باعتبار لفظها والبيوت والأبيات جمع بيت وهو اسم لمبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة قال الراغب أصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه والبيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر سُقُفاً متخذة مِنْ فِضَّةٍ جمع سقف وهو سماء البيت والفضة جسم ذائب صابر منطرق ابيض رزين بالقياس الى باقى الأجساد وبالفارسية نقره سميت فضة لتفضضها وتفرقها فى وجوه المصالح وَمَعارِجَ عطف على سقفا جمع معرج بفتح الميم وكسرها بمعنى السلم وبالفارسية نردبان قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد والمعنى وجعلنا لهم مصاعد ومراقى من فضة حذف لدلالة الاول عليه عَلَيْها اى على المعارج يَظْهَرُونَ يقال ظهر عليه إذا علاه وارتقى اليه واصل ظهر الشيء ان يحصل شىء على ظهر الأرض فلا يخفى ثم صار مستعملا فى كل بارز للبصر والبصيرة والمعنى يعلون السطوح والعلالي وبالفارسية ونردبانها كه بدان بر بام آن خانها برايند وخود را بنمايند وَلِبُيُوتِهِمْ اى وجعلنا لبيوتهم ولعل تكرير ذكر بيوتهم لزيادة التقرير أَبْواباً درها والباب يقال لمدخل الشيء واصل ذلك مداخل الامكنة كباب المدينة والدار والبيت وَسُرُراً تحتها اى من فضة جمع سرير قال الراغب السرير الذي يجلس عليه من السرور إذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير الميت تشبيه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن عَلَيْها اى على السرر يَتَّكِؤُنَ تكيه كنند والاتكاء الاعتماد وَزُخْرُفاً هو فى الأصل بمعنى الذهب ويستعار لمعنى الزينة كما قال تعالى حتى إذا أخذت الأرض زخرفها قال الراغب الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف كما قال تعالى او يكون لك بيت من زخرف اى ذهب مزوق قال فى تاج المصادر الزخرفة آراستن وزوق البيت زينه وصور فيه من الزئبق ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق وان لم يكن فيه الزئبق والمعنى وزينة عظيمة من كل شىء عطفا على سقفا او ذهبا عطفا على محل من فضة فيكون اصل الكلام سقفا من فضة وزخرف

صفحة رقم 367

يعنى بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب ثم نصب عطفا على محله وفى الحديث يقول الله تعالى لولا ان يجزع عبدى المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ولصببت عليه الدنيا صبا وانما أراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعنى لا يصدع رأسه وفى بعض الكتب الالهية عن الله تعالى لولا ان يحزن العبد المؤمن لكللت رأس الكافر بالاكاليل فلا يصدع ولا ينبض منه عرق بوجع وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ان نافية ولما بالتشديد بمعنى الا اى وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفاة المفصلة الا شىء يتمتع به فى الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل الا الندامة والغرامة وقرىء بتخفيف لما على ان ان هى المخففة واللام هى الفارقة بينها وبين الناصبة وما صلة والتقدير ان الشان كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا وَالْآخِرَةُ بما فيها من فنون النعم التي يقصر عنها البيان عِنْدَ رَبِّكَ يعنى در حكم او لِلْمُتَّقِينَ اى عن الكفر والمعاصي

هر كس كه رخ از متاع فانى برتافت واندر طلب دولت باقى بشتافت
آنجا كه كمال همتش بود رسيد وآن چيز كه مقصود دلش بود بيافت
فان قيل قد بين الله تعالى انه لو فتح على الكافر أبواب النعم لصار ذلك سببا لاجتماع الناس على الكفر فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببا لاجتماع الناس على الإسلام فالجواب لان الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الإسلام لطلب الدنيا وهذا الايمان ايمان المنافقين فكان من الحكمة ان يضيق الأمر على المسلمين حتى ان كل من دخل فى الإسلام فانما يدخل لمتابعة الدليل ولطلب رضى الله فحينئذ يعظم ثوابه بهذا السبب لان ثواب المرء على حسب إخلاصه ونيته وان هجرته الى ما هاجر اليه قال فى شرح الترغيب فان قيل ما الحكمة فى اختيار الله تعالى لنبيه الفقر واختياره إياه لنفسه اى مع قوله لو شئت لدعوت ربى عز وجل فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر فالجواب من وجوه أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار لله له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى والثاني ما قيل ان الله اختار الفقر له نظر القلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بما له والثالث ما قيل ان فقره دليل على هو ان الدنيا على لله تعالى كما قال ﷺ لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء انتهى ومعنى هو ان الدنيا على الله انه سبحانه لم يجعلها مقصودة لنفسها بل جعلها طريقا موصلا الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الأنبياء والأولياء والابدال وأبغضها وابغض أهلها ولم يرض العاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها (قال الصائب)
از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست زاد راهى بر نمى دارى ازين منزل چرا
تداركنا الله وإياكم بفضله وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ من شرطية وبالفارسية بمعنى وهر كه ويعش بضم لشين من عشا يعشو عشا إذا تعاشى بلا آفة وتعامى اى نظر نظر العشا ولا آفة فى بصره ويقال عشى يعشى كرضى إذا كان فى بصره آفة مخلة بالرؤية قال الراغب العشا بالفتح والقصر ظلمة تعرض فى العين يقال رجل أعشى وامرأة عشواء وفى القاموس العشا سوء البصر

صفحة رقم 368

بالليل والنهار وخبطه خبط عشواء ركبه على غير بصيرة من الناقة العشواء التي لا تبصر امامها والمراد بالذكر القرآن وإضافته الى الرحمن اشارة الى كونه رحمة عامة من الله او هو مصدر مضاف الى المفعول والمعنى ومن يتعام ويعرض عن القرآن او عن ان يذكر الرحمن وبالفارسية وهر كه چشم پوشد از قرآن ويا از ياد كردن خداى لفرط اشتغاله بزهرة الحياة الدنيا وانهما كه فى الحظوظ والشهوات الفانية نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً نسلطه عليه ونضمه اليه ليستولى عليه استيلاء القيض على البيض وهو القشر الا على اليابس فَهُوَ اى ذلك الشيطان لَهُ اى لذلك العاشى والمعرض قَرِينٌ بالفارسية همنشين ودمساز ومصاحب لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه ويزين له العمى على الهدى والقبيح بدل الحسن قال عليه السلام إذا أراد الله بعبد شرا قيض له شيطانا قبل موته بسنة فلا يرى حسنا الا قبحه عنده حتى لا يعمل به ولا يرى قبيحا الا حسنه حتى يعمل به وينبغى ان يكون هذا الشيطان غير قرينه الجنى الكافر والا فكل أحد له شيطان هو قرينه كما قال ﷺ ما منكم من أحد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملئكة قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرنى الا بخير (در نفحات الانس) آورد كه شيخ ابو القاسم مصرى قدس سره با يكى از مؤمنان جن دوستى داشت وقتى در مسجدى نشسته بود جنى كفت اى شيخ اين مردم را چهـ كونه مى بينى كفت بعضى را در خواب وبعضى را بى خواب كفت آنچهـ بر سرهاى ايشانست مى بينى كفتم نه چشمهاى مرا بماليد ديدم كه بر سر هر كسى بعضى را بالها بچشم فرو كذاشته وبعضى را كاهى فرو كذاريد وكاهى بالا مى پرد كفتم اين چيست كفت نشنيده كه ومن
يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين اينها شياطين اند بر سرهاى ايشان نشسته وبر هر يكى بقدر غفلت وى استيلا يافته

دريغ ودرد كه با نفس بد قرين شده ايم وزين معامله باد بو همنشين شده ايم
ببارگاه فلك بوده ايم رشك ملك ز جور نفس جفا پيشه اينچنين شده ايم
وفيه اشارة الى ان من داوم على ذكر الرحمن لم يقربه الشيطان بحال قال بعضهم من نسى الله وترك مراقبته ولم يستحى منه او اقبل على شىء من حظوظ نفسه قيض الله له شيطانا يوسوس له فى جميع أنفاسه ويغرى نفسه الى طلب هواها حتى يتسلط على عقله وعلمه وبيانه وهذا كما قال أمير المؤمنين على كرم الله وجهه الشهوة والغضب يغلبان العقل والعلم والبيان وهذا جزاء من أعرض عن متابعة القرآن ومتابعة السنة وقال بعضهم من اعرض عن الله بالإقبال على الدنيا يقيض له شيطانا وان أصعب الشياطين نفسك الامارة بالسوء فهو له ملازم لا يفارقه فى الدنيا والآخرة فهذا جزاء من ترك المجالسة مع الله بالاعراض عن الذكر فانه يقول أنا جليس من ذكرنى فمن لم يذكر ولم يعرف قدر خلوته مع الله وحاد عن ذكره واختلف الى خواطر النفسانية الشيطانية سلط الله عليه من يشغله عن الله وإذا اشتغل العبد فى خلوته بذكر ربه بنفي ما سوى الله واثبات الحق بلا اله الا لله فاذا تعرض له من يشغله عن ربه صرفته سطوات الالهية عنه ومن لم يعرف قدر فراغ قلبه واتبع شهوته

صفحة رقم 369
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية