آيات من القرآن الكريم

دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ

وكذلك فيه إرشاد إلى ألا نحكم بتكفير من يخالفنا من أهل القبلة والعلم الصحيح والدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله بمجرد المخالفة لنا فى رأى أو عقيدة، فإن مثل هذا لا يقدم عليه المسلم جزافا.
وعلينا أن ننظر بعد هذا كله إلى أن الإسلام منع قتل من يلقى السلم ومن بينه وبين المسلمين عهد وميثاق إما على النصر وإما على ترك القتال، ورغب عن ابتغاء عرض الدنيا بالقتال، ليكون لمحض رفع العدوان والبغي وتقرير الحق والإصلاح.
وأين هذا مما تفعله الدول الآن من القتال للربح وجمع الأموال وهم ينقضون العهد والميثاق مع الضعفاء ولا يلتزمون حفظ المعاهدات إلا مع الأقوياء؟.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٩٥ الى ٩٦]
لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦)
تفسير المفردات
الضرر: المرض والعلل التي يعجز صاحبها معها عن الجهاد كالعمى والعرج، المثوبة الحسنى: هى الجنة.
المعنى الجملي
بعد أن عاتب الله المؤمنين على ما صدر منهم من قتل من تكلم بالشهادة- ذكر فضيلة الجهاد وأن من نصب نفسه له فقد فاز فوزا عظيما، فعليه أن يحترز من الوقوع فى الهفوات التي تخلّ بهذا المنصب العظيم.

صفحة رقم 128

روى أن الآية نزلت فى كعب بن مالك من بنى سلمة ومرارة بن الربيع من بنى عمرو بن عوف والربيع وهلال بن أمية من بنى واقف حين تخلفوا عن رسول الله ﷺ فى غزوة بدر.
الإيضاح
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) أي لا يكون القاعدون عن الجهاد بأموالهم بخلا بها وحرصا عليها، وبأنفسهم إيثارا للراحة والنعيم على التعب وركوب الأخطار- مساوين للمجاهدين الذين يبذلون أموالهم فى الاستعداد للجهاد بالسلاح والخيل والمئونة، ويبذلون أنفسهم بتعريضها للقتل فى سبيل الحق ومنع تعدى حزب الطاغوت، لأن المجاهدين هم الذين يحمون الأمة والبلاد، والقاعدين لا يأخذون حذرهم ولا يعدّون عدّتهم للدفاع ويكونون عرضة لتعدى غيرهم عليهم كما قال تعالى «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ» أي بغلبة أهل الطاغوت عليها، ولكن النكوص عن الجهاد لا يكون مذمة وبخلا إلا مع القدرة، أما مع العجز والضرر كالعمى والزمانة والمرض فلا تبعة فيه حينئذ.
ثم بين ما أجمله أولا من التفاضل الذي بين الفريقين وعدم تساويهما فقال:
(فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) أي إن الله تعالى رفع المجاهدين على القاعدين درجة لا يقدر قدرها ولا يدرك كنهها، وهى ما خوّلهم الله عاجلا فى الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل ودفع شر الأعداء عن الأمة والبلاد.
(وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) أي ووعد الله كلا ممن جاهد وقعد عن الجهاد عجزا منه مع تمنى القدرة عليه المثوبة الحسنى وهى الجنة، فكل منهما كامل الإيمان مخلص لله فى العمل.

صفحة رقم 129
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية