آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ ﴾ ؛ يَعْنِي المنافقينَ كانوا إذا أتاهُم خبرٌ من أمرِ السَّرَايَا الذين بعثَهُم رسولُ اللهِ ﷺ من ظَفَرٍ وَدَوْلَةٍ وَغَنِيمَةٍ ؛ أو أتاهم عنهم خَبَرُ نَكْبَةٍ أو هَزِيْمَةٍ أفْشَوا ذلكَ الخبرَ، وأظهروهُ قبل أن يُحَدَّثَ بهِ رسولُ اللهِ ﷺ لِيَحْذرَ بخبرِ الظَّفَرِ من ينبغِي أن يحذرَ من الكفَّار ويقوَى بخبرِ هزيْمَة المسلمينَ قَلْبُ مَن كان يَبْتَغِي نكبةَ المسلمين منهُم، فأنزلَ اللهُ تعالى هذه الآيةَ.
ومعناهُ : اذا جاءَ المنافقينَ ﴿ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ ﴾ ؛ يعني الغنيمةَ والفتحَ، ﴿ أَوِ الْخَوْفِ ﴾ أي الهزيْمَة والقتلِ ﴿ أَذَاعُواْ بِهِ ﴾ ؛ أي أشاعُوهُ وأفْشَوهُ، ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾ ؛ أي لم يَتَحَدَّثُوا به ولم يُفْشُوهُ حتى يكونَ النبيُّ ﷺ هو الذي يَتَحَدَّثُ بهِ. والمعنى : لو تَرَكُوا أمرَ السَّرايَا والعسكرِ إلى النَّبيِّ ﷺ وإلى أولي الأمرِ أولي الأمرِ من المؤمنينَ وهم : أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأكَابرُ الصَّحَابَةِ حتى يكونوا هم الذين يُفْشُونَهُ، ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ ؛ يطلبونَ الخبرَ ويستخبرونَهُ من النبيِّ ﷺ وأكابرِ الصَّحابة أن ذلك الخبرَ صحيحٌ أم لاَ.
قال الكلبيُّ :(لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبطُونَهُ أيْ يَتَّبعُونَهُ). وقال عكرمةُ :(يَسْأَلُونَ عَنْهُ، أيْ لَوْ تَرَكُواْ إذاعَتَهُ حَتَّى يَتَحَدَّثَ بهِ النَّبيُّ لَعَلِمَهُ الَّذِيْنَ يَسْأَلُونَ عَنْهُ). وقال القُتيبيُّ :(لَعَلِمَهُ الَّذِيْنَ يَسْتَخْرِجُونَهُ، يُقَالُ : اسْتَنْبَطْتُ الْمَاءَ إذا أخْرَجْتُهُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾ ؛ أي لولا ما أنزلَ اللهُ عليكم من القُرْآنِ، وبَيَّنَ لكم الآياتِ على لسانِ نَبيِّهِ ﷺ، ﴿ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ؛ أي كانَ أقَلُّكُمْ يَنْجُوا من الكُفْرِ، والمرادُ بالفضلِ ها هنا النبيَّ ﷺ والقُرْآنَ، وَقِيْلَ : في الآيةِ تقديمٌ وتأخيرٌ ؛ معناه : أذاعُواْ بهِ إلاَّ قَلِيْلاً مِنَ الخبر لم يذيعوهُ، أو قليلاً من الْمُنَافِقِيْنَ لَمْ يُذِيْعُوهُ.

صفحة رقم 25
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية