
وهذا كله يرجع إِلى تمني الِإنسان ما لِغيره.
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ - (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)
أَي جعلنا الميراث لمن هو موْلى الميِّتِ، والموْلى كلُّ مَنْ يَليك، وكلُّ
من والاكَ فهو مولى لك في المحبِّة. والموْلى مولى نعمةٍ نحو مولى العبْدِ.
والمولى العَبدُ إِذا عَتَق.
وقوله (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ).
هؤُلاء كانوا في الجاهلية. كان الرجلُ الذليلَ يأْتي الرَّجلَ العزيزَ
فيعاقدُه، أَي يحالفه، ويقولُ له أَنا ابنُك تَرثُنِي وأرثُكَ؛ حرمَتِي حرْمَتُكَ، ودَمِي دَمُك، وثأْرىِ ثَأْرك، وأَمر اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - بالوَفاءِ لهم.
وقيل إِن ذلك أمِرَ به قبل تسْمِيةِ المَواريث، وقيل أَيضاً أَمَر أَنْ يُوفَّى لهم بعقدهم الذي كان في الجاهلية، ولا يعْقِد المسلمون مِثلَ ذلك.
وقال بعضهم الذي يعقد على الموالاة، ويجب أَن يُجْعلَ له نصيب في المال يَذهب إِلى أَنَ ذلك من الثلث الذي هو للميت.
وإِجماع الفقهاءِ أنَّه لا ميراث لغير من وُصِفَ من الآباءِ
والأبناءِ، وذوي العصبةَ والموالي والأزواج.
* * *
وقوله عزَّ وجلََّّ: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤)
الرجُلُ قيِّم على المرأَة فيما يجب لها عليه، فأمَّا غير ذلك فلا، ويقال
هذا قيِّمُ المرأَةِ وقِوَامُها
قال الشاعر:

اللَّهُ بيني وبيْن قيِّمها... يفرُّ مِنِّي بئها وأتَبع
جعل اللَّه عزَّ وجلَّ ذلك للرجال لفضلهم في العلم، والتمييز ولِإنْفاقِهم
أموالهم في المهور وأقوات النساءِ.
وقوله عزَّ وجلَّ: (فالصالحَاتُ قَانِتات).
أي قيماتُ بحقوق أزواجهم.
(بمَا حَفِظَ الله).
تأويله - واللَّه أعلم - بالشيءِ الذي يحفظ أمْرَ الله ودين الله ويحتمل أَن
يكون على معنى بحفظ اللَّه، أَي بأَن يحفَظْنَ اللَّه، وهو راجع إِلى أَمر
اللَّه.
* * *
وقوله (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ).
النشوز كراهة أحدهما صاحبه، يقال نشزت المرأَة تَنْشِزُ وتَنْشُزُ جميعاً
وقد قُرئ بهما: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزوا..) انشِزوا وانْشُزوا، فانشزوا، واشتقاقه من النَشزِ وهو المكان المرتفع من الأرض، يقال له: نَشْز ونشَز.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ).
أي في النوم معهن، والقرب منهن فإنهن إِن كنَّ يحببن أَزواجهن شقَّ
عليهن الهجران في المضاجع وإن كنَّ مُبْغِضَاتٍ وافقهن ذلك فكان دليلاً على
النشوز مِنْهنَّ.