آيات من القرآن الكريم

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ

﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ أَيِ: الرَّجُلُ قَيّم عَلَى الْمَرْأَةِ، أَيْ هُوَ رَئِيسُهَا وَكَبِيرُهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا وَمُؤَدِّبُهَا إِذَا اعوجَّت ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أَيْ: لِأَنَّ الرِّجَالَ أَفْضَلُ مِنَ النِّسَاءِ، وَالرَّجُلُ خَيْرٌ مِنَ الْمَرْأَةِ؛ ولهذَا كَانَتِ النُّبُوَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِالرِّجَالِ وَكَذَلِكَ المُلْك الْأَعْظَمُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ يُفلِح قومٌ وَلَّوا أمْرَهُم امْرَأَةً" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ (١) وَكَذَا مَنْصِبُ الْقَضَاءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
﴿وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ أَيْ: مِنَ الْمُهُورِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْكُلَفِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ لهنَّ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهِ، وَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْهَا وَالْإِفْضَالُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ قَيّما عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ] اللَّهُ [ (٢) تَعَالَى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ الآية [البقرة: ٢٢٨].

(١) رواه البخاري برقم (٤٤٢٥)، (٧٠٩٩) من طريق الحسن البصري عن أبي بكرة.
(٢) زيادة من أ.

صفحة رقم 292

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ يَعْنِي: أُمَرَاءُ عَلَيْهَا (١) أَيْ تُطِيعُهُ فِيمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ، وطاعتُه: أَنْ تَكُونَ مُحْسِنَةً إِلَى أَهْلِهِ حَافِظَةً لِمَالِهِ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعْدِيهِ (٢) عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ لَطَمَها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "القِصَاص"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ الْآيَةَ، فَرَجَعَتْ بِغَيْرِ قِصَاصٍ.
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْهُ. وَكَذَلِكَ أَرْسَلَ هَذَا الْخَبَرَ قَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيج وَالسُّدِّيُّ، أَوْرَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (٣) الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَثُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي قال: أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِامْرَأَةٍ لَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَإِنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَثَّرَ فِي وَجْهِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليْسَ ذَلِكَ لَه". فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ] (٤) ﴾ أَيْ: قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْأَدَبِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَدْتُ أمْرًا وأرَادَ اللَّهُ غَيْرَه" (٥).
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ قَالَ: الصَّدَاقُ الَّذِي أَعْطَاهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَذَفَها لاعنَها، وَلَوْ قَذَفَتْهُ جُلِدت.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالصَّالِحَاتُ﴾ أَيْ: مِنَ النِّسَاءِ ﴿قانِتَاتٌ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: يَعْنِي مُطِيعَاتٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾.
قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: أَيْ تَحْفَظُ زَوْجَهَا فِي غَيْبَتِهِ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ أَيِ: الْمَحْفُوظُ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَر، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيرُ النساءِ امرأةٌ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ وَإِذَا أمَرْتَها أطاعتكَ وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظتْكَ فِي نَفْسِها ومالِكَ". قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ إِلَى آخِرِهَا.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ محمد بن عبد الرحمن

(١) في د، ر، أ: "عليهن".
(٢) في أ: "تستعذيه".
(٣) في ر، أ: "هبة الله"
(٤) زيادة من ر، أ.
(٥) في إسناده محمد بن محمد الأشعث، قال ابن عدي: "كتبت عنه بمصر، حمله شدة تشيعه أن أخرج إلينا نسخة قريبا من ألف حديث عن موسى بن إسماعيل بن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عن آبائه بخط طرى، وعامتها مناكير كلها أو عامتها، فذكرنا روايته هذه الأحاديث عن موسى هذا لأبي عبد الله الحسين بن علي الحسن بن على من آل البيت بمصر، وهو أخو الناصر، فقال لنا: كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنة ما ذكر قط عنده شيئا من الرواية لا عن أبيه ولا عن غيره".

صفحة رقم 293

بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمُقْبُرِيِّ، بِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً (١).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ عُبيد اللَّهِ (٢) بْنِ أَبِي جَعْفَرَ: أَنَّ ابْنَ قَارِظٍ (٣) أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَلَّت الْمَرْأَةُ خَمسها، وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَها؛ وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ (٤) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (٥).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ أَيْ: وَالنِّسَاءُ اللَّاتِي تَتَخَوَّفُونَ (٦) أَنْ يَنْشُزْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَالنُّشُوزُ: هُوَ الِارْتِفَاعُ، فَالْمَرْأَةُ النَّاشِزُ هِيَ الْمُرْتَفِعَةُ عَلَى زَوْجِهَا، التَّارِكَةُ لِأَمْرِهِ، المُعْرِضَة عَنْهُ، المُبْغِضَة لَهُ. فَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ فليعظْها وَلْيُخَوِّفْهَا عقابَ اللَّهِ فِي عِصْيَانِهِ (٧) فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَطَاعَتَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهَا مَعْصِيَتَهُ لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْإِفْضَالِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجد لِأَحَدٍ لأمرتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَم حَقِّه عَلَيْهَا" (٨) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِه فأبَتْ عَلَيْهِ، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِح" (٩) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: "إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجرة (١٠) فِراش زَوْجِها، لَعْنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصبِح" (١١) ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْهِجْرَانُ هُوَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا، وَيُضَاجِعَهَا عَلَى فِرَاشِهَا وَيُوَلِّيَهَا ظَهْرَهُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَزَادَ آخَرُونَ -مِنْهُمُ: السُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَعِكْرِمَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ-: وَلَا يُكَلِّمُهَا مَعَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدِّثُهَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعِظُهَا، فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ، وَلَا يُكَلِّمْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذَرَ نِكَاحَهَا، وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيدٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، ومِقْسم، وَقَتَادَةُ: الْهَجْرُ: هُوَ أَنْ لَا يُضَاجِعَهَا.
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَإِن خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ" قَالَ حَمَّادٌ:

(١) تفسير الطبري (٨/٢٩٥).
(٢) في د، ر: "عبد الله".
(٣) في أ: "فارس".
(٤) في أ: "فارس".
(٥) المسند (١/١٩١).
(٦) في أ: "تخافون".
(٧) في ر: "عصيانها".
(٨) رواه الترمذي برقم (١١٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أحمد في المسند (٦/٧٦) من حديث عائشة.
(٩) صحيح البخاري برقم (٣٢٣٧).
(١٠) في ر: "مهاجره".
(١١) صحيح مسلم برقم (١٤٣٦).

صفحة رقم 294

يَعْنِي النِّكَاحَ (١).
وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ امْرَأَةِ أَحَدِنَا؟ قَالَ: "أَنْ تُطعمها إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِب الوَجْهَ وَلَا تُقَبِّح، وَلَا تَهْجُر إِلَّا فِي البَيْتِ" (٢).
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ (٣) أَيْ: إِذَا لَمْ يَرْتَدِعْن (٤) بِالْمَوْعِظَةِ وَلَا بِالْهِجْرَانِ، فَلَكُمْ أَنْ تَضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "واتَّقُوا اللهَ فِي النِّساءِ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشكم أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْن فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبا غَيْرَ مُبَرِّح، وَلَهُنَّ رزْقُهنَّ وكِسْوتهن بِالْمَعْرُوفِ" (٥).
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْنِي غَيْرَ مُؤَثِّرٍ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: هُوَ أَلَا يَكْسِرَ فِيهَا عُضْوًا وَلَا يُؤَثِّرَ فِيهَا شَيْئًا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكَ أَنْ تَضْرِبَ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَا تَكْسِرَ لَهَا عَظْمًا، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدَ حَل لَكَ مِنْهَا الْفِدْيَةُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَينة، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُباب (٦) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَضْرِبوا إماءَ اللهِ". فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذئِرَت النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ (٧) أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ أطافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ (٨) أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (٩).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -يَعْنِي أَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ-حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ الأوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُسْلي (١٠) عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ ضفْتُ عُمَرَ، فَتَنَاوَلَ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَهَا، وَقَالَ: يَا أَشْعَثُ، احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا حَفظتهن عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسألِ الرَّجُلَ فِيمَ ضَرَبَ امرَأَتَهُ، وَلَا تَنَم إِلَّا عَلَى وِتْر... وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ.
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ الْأَوَدِيِّ، بِهِ (١١).
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ أَيْ: فَإِذَا أَطَاعَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُ مِنْهَا، مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ ضربها ولا هجرانها.

(١) سنن أبي داود برقم (٢١٤٥).
(٢) سنن أبي داود برقم (٢١٤٣) والمسند (٤/٤٤٧).
(٣) في ر: "فاضربوهن".
(٤) في أ: "إذا لم يرتدعن عما ينهاها عنه".
(٥) صحيح مسلم برقم (١٢١٨).
(٦) في أ: "ذئاب".
(٧) في أ: "يشتكين".
(٨) في أ: "يشتكين".
(٩) سنن أبي داود برقم (٢١٤٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٩١٦٧) وسنن ابن ماجة برقم (١٩٧٥).
(١٠) في د: "السلمي".
(١١) سنن أبي داود برقم (٢١٤٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (٩١٦٨) وسنن ابن ماجة برقم (١٩٨٦).

صفحة رقم 295
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية